وقد أشار النّاظم في هذا البيت إلى فضل المتقدّم على المتأخّر ، وما يستحقّه السّلف من ثناء / الخلف (١) ودعائهم.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والله يقضي بهبات وافره |
|
لي وله في درجات الآخره |
أي : «الله يقضي» أي : يحكم ، «بهبات» أي : عطايا (٢) ، «وافره» أي : كثيرة (٣) ، ولم يقل : «وافرات» المطابق لـ «هبات» ، لأنّ جمع السّلامة من جموع القلّة عند سيبويه (٤) وأتباعه (٥) ، كذا قاله الشيخ خالد (٦).
__________________
(١) في الأصل : الخلق. انظر شرح المرادي : ١ / ١٣.
(٢) واحدها هبة ، وهي العطية الخالية عن الأعواض والأغراض ، فإذا كثرت سمي صاحبها وهابا.
انظر شرح المكودي : ١ / ١٦ ، اللسان : ٦ / ٤٩٢٩ (وهب) ، شرح الأشموني : ١ / ١٨.
(٣) والوفر من المال والمتاع : الكثير الواسع. انظر شرح المكودي : ١ / ١٦ ، اللسان : ٦ / ٤٨٨١ (وفر) ، وفي شرح الأشموني (١ / ١٨) : «وافرة أي : تامة».
(٤) هو عمرو بن عثمان بن قنبر ، مولى بني الحارث ، أبو بشر ، الملقب بسيبويه ، إمام العربية المشهور ، توفي في فارس في أيام الرشيد سنة ١٨٠ ه ، وقيل : ١٦١ ه ، وقيل : ١٧٧ ه.
انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٣٦٦ ، معجم المؤلفين : ٨ / ١٠ ، الأعلام : ٥ / ٨١.
(٥) انظر الكتاب : ٢ / ١٤١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٨١٠ ، شرح المرادي : ٥ / ٣٥ ، التسهيل : ٢٦٨ ، حاشية الصبان : ١ / ١٩ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٢١ ، حاشية الخضري : ١ / ١٢ ، وفي شرح الرضي (٢ / ١٩١) وجمعا السلامة عندهم منها ـ أي من أبنية القلة ـ أيضا ، استدلالا بمشابهتهما للتثنية في سلامة الواحد ، وليس بشيء إذ مشابهة شيء لشيء لفظا لا يقتضي مشابهته له معنى أيضا ، ولو ثبت ما نقل أن النابغة قال لحسان ـ لما أنشده قوله :
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى |
|
وأسيافنا يقطرن من نجدة دما |
ـ قللت جفانك وسيوفك ، لكان فيه دليل على أن المجموع بالألف والتاء جمع قلة وقال ابن خروف : جمعا السلامة مشتركان بين القلة والكثرة ، والظاهر أنهما لمطلق الجمع من غير نظر إلى القلة والكثرة فيصلحان لهما».
(٦) انظر إعراب الألفية للشيخ خالد : ١٥.
والشيخ خالد هو : خالد بن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن أحمد الجرجاوي الأزهري المصري الشافعي ، ويعرف بالوقاد ، زين الدين ، ولد بجرجة من صعيد مصر سنة ٨٣٨ ه ، وبرع في النحو واللغة ، وتوفي بالقاهرة سنة ٩٠٥ ه ، من مؤلفاته المقدمة الأزهرية في علم العربية ، وتمرين الطلاب في صناعة الإعراب (إعراب الألفية) ، شرح التصريح على التوضيح ، وغيرها.
انظر ترجمته في الأعلام : ٢ / ٢٩٧ ، الضوء اللامع : ٣ / ١٧١ ، شذرات الذهب : ٨ / ٢٦ ، الكواكب السائرة : ١ / ١٨٨ ، بدائع الزهور لابن إياس : ٢ / ٣٦١ ، روضات الجنات : ٢٧٠ ، معجم المؤلفين : ٤ / ٩٦ ، إيضاح المكنون : ١ / ١١٨ ، ٢٩٣ ، ٢ / ٢٢٩ ، ٥٤٣.