فلا يقال : «زيد ضربا» بحذف العامل فيه ، وهو «يضرب».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
... |
|
وفي سواه لدليل متّسع |
هذا هو القسم الثّاني / ، وهو الجائز الحذف ، يعني : أنّ سوى المؤكّد ـ وهو العدديّ ، والنّوعيّ ـ يجوز حذف عاملهما إذا دلّ عليه دليل ، ولا خلاف في ذلك ، كقولك لمن قال «ما ضربت؟» : «بلى ضربتين ، وبلى ضربا شديدا» ، فـ «ضربتين» مصدر عدديّ ، حذف عامله جوازا ، لدليل مقاليّ ، وهو قول القائل : «ما ضربت» والتّقدير : بلى ضربت ضربا شديدا.
وقد يكون حذف العامل جوازا لدليل حالى وهو ما (١) مرجعه إلى الحال من مشاهدة أو غيرها ، كقولك لمن قدم من سفر : «قدوما مباركا» ، ولمن تكرّر منه إصابة الغرض : «إصابتين» ، فـ «قدوما» مصدر نوعيّ ، و «إصابتين» مصدر عدديّ حذف عاملهما جوازا (٢) لدليل حاليّ ، وهو الحال المشاهدة ، والتّقدير : قدمت قدوما مباركا ، وأصبت إصابتين.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والحذف حتم مع آت بدلا |
|
من فعله كندلا اللّذ كاند لا |
هذا شروع (في) (٣) القسم الثّالث ، وهو الواجب الحذف ، فذكر أنّه يجب حذف العامل في ستّة مواضع.
أشار إلى الأول منها بقوله : «والحذف حتم» ، يعني : أنّه يجب حذف عامل المصدر الآتي بدلا من فعله ، كقولك : «ضربا زيدا» أي : اضرب.
وأشار بقوله : «كندلا» إلى قول الشّاعر :
١٠٤ ـ على حين ألهى النّاس جلّ أمورهم / |
|
فندلا زريق المال ندل الثّعالب |
__________________
(١) في الأصل : مما. انظر التصريح : ١ / ٣٢٩.
(٢) في الأصل : جواز. انظر التصريح : ١ / ٣٢٩.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
١٠٤ ـ من الطويل ، وقبله :
يمرّون بالدّهنا خفافا عيابهم |
|
ويخرجن من دارين بجر الحقائب |
وهما للأحوص الأنصاري في ملحقات ديوان شعره (٢٨٩) ، وقيل : هما لأعشى همدان يهجو بهما لصوصا ، وقيل : هما لجرير يصف ركبا يمرون بالدهنا ، ونسب في الإصابة لابن الأسود الدؤلي ، وروى فيه :