واحترز بـ «المستثنى بإلّا» من المستثنى بغيرها من أدوات الاستثناء.
احترز بـ «التّام» من المفرّغ (١).
و «التّام» : هو ما ذكر فيه المستثنى منه (٢) ، وشمل الموجب نحو «قام
__________________
وذهب ابن خروف إلى أن العامل هو الفعل أو شبهه من غير تقوية «إلا». وقيل : إن المستثنى منصوب بفعل مقدر ، وهو «استثنيت» ، ونسبه السيرافي للزجاج والمبرد.
واختلف الكوفيون في ذلك : فذهب بعضهم إلى أن العامل فيه «إلا» ، وإليه ذهب المبرد والزجاج من البصريين وهو اختيار الناظم في التسهيل ـ وعزاه لسيبويه والمبرد ـ وابنه والهواري في شرحيهما ، وغيرهم. قال المرادي : وقد خفي كون هذا مذهب سيبويه على كثير من شراح كتابه. وذهب الفراء ومن تابعه من الكوفيين ـ وهو المشهور من مذهبهم ـ إلى أن «إلا» مركبة من «إن» و «لا» ، ثم خففت «إن» وأدغمت في «لا» فنصبوا بها في الإيجاب ، اعتبارا بـ «إن» وعطفوا بها في النفي اعتبارا بـ «لا». وذهب الكسائي ـ فيما نقله السيرافي عنه ـ إلى أنه منصوب بـ «إن» مقدرة بعد «إلا» والتقدير في «قام القوم إلا زيدا» : قام القوم إلا أن زيدا لم يقم. وحكي عنه أيضا أن انتصاب المستثنى لأنه مشبه بالمفعول ، وحكي عنه كذلك أنه منصوب لمخالفة الأول لأن المستثنى موجب له قيام بعد نفيه عن الأول أو عكسه ، نقله عنه ابن عصفور. وذكر بعض المتأخرين : أن المستثنى ينتصب عن تمام الكلام ، فالعامل فيه ما قبله من الكلام بدليل قولهم : «القوم إخوتك إلا زيدا» ، وليس ههنا فعل ولا ما يعمل عمله ، وهو مذهب الخليل وسيبويه ، قال ابن عصفور : وهو الصحيح ، وهو في ذلك بمنزلة التمييز.
انظر في ذلك : الإنصاف (مسألة : ٣٤) : ١ / ٢٦٠ ، التسهيل : ١٠١ ، شرح الأشموني مع الصبان : ٢ / ١٤٣ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٢٠٣ ، شرح ابن الناظم : ٢٩٢ ، شرح الألفية للهواري (٩٠ / ب) ، الهمع : ٣ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٧٥٣ ـ ٧٥٤ ، الاستغناء : ٤٤ ـ ١٤٦ ، شرح الرضي : ١ / ٢٢٦ ، الجنى الداني : ٥١٦ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٢٥٢ ـ ٢٥٤ ، الكتاب : ١ / ٣٦٩ ، شرح المرادي : ٢ / ١٠٩ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٣٠٠.
(١) وهو أن يفرغ ما قبل «إلا» للعمل فيما بعدها ، فيزول بذلك ما كنت تستثنى منه ، ولا يتأتى التفريغ إلا مع نفي أو شبهه ، وقد اجتمع النفي والنهي والاستفهام المشبه للنفي في قول ابن مالك في كافيته :
كلا تزر إلّا فتى لا يتّبع |
|
إلّا الهدى وهل زكا إلّا الورع |
وفي شرح ابن الناظم : والاستثناء المفرغ هو أن يكون المخرج منه مقدرا في قوة المنطوق ، نحو «ما قام إلا زيدا» ، التقدير : ما قام أحد إلا زيد.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٣٤٨ ، التسهيل : ١٠١ ، المقرب : ١ / ١٦٧ ، الاستغناء : ٢٣٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٧٠٧ ، شرح ابن الناظم : ٢٨٨ ، الجنى الداني : ٥١٤.
(٢) قال ابن مالك : المراد بالتمام هنا أن يكون المستثنى منه مذكورا ليتم به مطلوب العامل الذي قبل «إلا» نحو «انطلقوا إلا ابن ذا».
انظر شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٧٠٢ ـ ٧٠٣ ، شرح المكودي : ١ / ١٦٠ ، شرح المرادي : ٢ / ١٠٣ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٤٨ ، الجنى الداني : ٥١٤.