ثمّ قال رحمهالله تعالى :
واستثن ناصبا بليس وخلا |
|
وبعدا وبيكون بعد لا |
واجرر بسابقي يكون إن ترد |
|
وبعد ما انصب وانجرار قد يرد (١) |
هذا شروع في القسم الثّالث والرّابع ، فذكر في البيت الأوّل من أدوات الاستثناء أربعة :
منها ما لا يستعمل إلّا فعلا ، وهو «ليس ولا يكون» ، والمستثنى بهما واجب النّصب ، نحو «قام القوم ليس (زيدا ولا يكون عمرا» ، و «ما قام أحد ليس زيدا ، ولا يكون عمرا ، وهو خبر لهما ، واسمهما ضمير مستتر) (٢) عائد على البعض المفهوم (٣) من الكلام (٤).
__________________
تجانب عن أهل اليمامة ناقتي
ويروى : «تجانف» بدل «تجانب» من الجنف وهو الميل ، ويروى : «عن جو» و «عن جل» بدل «عن أهل» ، و «جو» اسم لليمامة في الجاهلية وفي هاتين الروايتين حذف مضاف ، الأول : عن أهل جو اليمامة ، والثاني : عن جل أهل اليمامة ، أي : معظم أهلها. ويروى : «كما عمدت» بدل «وما قصدت». وروي في جميع المصادر الآتية عدا المكودي «لسوائكا» بدل «لسوائنا» وهو الأولى بل الصواب لأن قافية أبيات القصيدة كلها كافية ، كما أن المعنى يؤيد ذلك ، وهو أن الشاعر لم يقصد سوى هوذه من أهل اليمامة.
تجانب : أصله «تتجانب» فحذفت إحدى التاءين تخفيفا ، بمعنى : تبتعد. والمعنى ـ كما في حاشية ابن حمدون على المكودي ـ أن ناقتي تتجانب عن كل أحد ولا تقصد من أهلها وموضعها : إلا لنا لا لغيرنا.
والشاهد فيه على أن خروج «سواء» عن الظرفية خاص بالشعر على مذهب الخليل وجمهور البصريين ، خلافا لابن مالك والزجاجي والكوفيين.
انظر المكودي مع ابن حمدون : ١ / ١٦٥ ، الكتاب : ١ / ١٣ ، ٢٠٣ ، المقتضب : ٤ / ٣٤٩ ، أمالي ابن الشجري : ١ / ٢٣٥ ، ٢ / ٤٥ ، ١١٩ ، ١٢٤ ، شواهد الأعلم : ١ / ١٣ ، الإنصاف : ٢٩٥ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٤٤ ، ٨٤ ، الخزانة : ٣ / ٤٣٥ ، الهمع (رقم) : ٧٨٥ ، الدرر اللوامع : ١ / ١٧١ ، شواهد ابن السيرافي : ١ / ١٣٧ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٧٦٠ ، اللسان (سوى ، جنف) ، التبصرة والتذكرة : ٣١٣ ، الاستغناء : ١٠٤ ، ١١٦ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٣١٩ ، توجيه اللمع : ١٧١.
(١) في الأصل : تقديم وتأخير في البيتين ، وما أثبته أولى ليوافق الشرح النظم ، وهو كما في الألفية : ٧٥.
(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٦٥.
(٣) في الأصل : والمفهوم. انظر شرح المكودي : ١ / ١٦٥.
(٤) والمعنى : ليس هو. أي : بعضهم زيدا ، هذا عند البصريين ، وقيل : ضمير عائد على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق.