ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وكخلا حاشا ولا تصحب ما |
|
وقيل حاش وحشا فاحفظهما |
يعني : أنّ «حاشا» مثل «خلا» في أنّها يستثنى بها ، ويجوز في المستثنى بها النّصب والجرّ على الوجه الّذي جاز في «خلا» (١) ـ وقد تقدّم ـ.
ولمّا كانت «حاشا» مخالفة لـ «خلا» في أنّه لا يجوز اقترانها بـ «ما» ، نبّه على ذلك بقوله : «ولا تصحب ما». يعني : أنّ «حاشا» لا يدخل عليها «ما» بخلاف «خلا» (٢).
ولمّا كان في «حاشا» ثلاث لغات ، نبّه على (٣) ذلك بقوله :
وقيل حاش وحشا فاحفظهما
ونوزع في ذلك (٤).
__________________
(١) فمذهب سيبويه وأكثر البصريين أن «حاشا» حرف خافض دائما بمنزلة «إلا» لكنها تجر المستثنى. وذهب الجرمي والمازني والمبرد والزجاج والأخفش وأبو زيد والفراء وأبو عمرو الشيباني إلى أنها تستعمل كثيرا حرفا جارا ، وقليلا فعلا متعديا جامدا ، لتضمنه معنى «إلا». قال المرادي : وهو الصحيح ، لأنه قد ثبت عن العرب الوجهان. وذهب الفراء من الكوفيين إلى أن «حاشا» فعل لا فاعل له ، وإذا خفض الاسم بعده فخفضه باللام المقدرة.
وذهب بعض الكوفيين إلى أنها فعل استعملت استعمال الحروف فحذف فاعلها ، قال المرادي : والظاهر أن هذا مذهب الفراء.
انظر في ذلك الكتاب : ٢ / ٣٠٩ ، ٣٤٩ ـ ٣٥٠ ، الإنصاف (مسألة : ٣٧) : ١ / ٢٧٨ ، مغني اللبيب : ١٦٥ ، الاستغناء : ١٠٩ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٦٥ ، شرح المرادي : ٢ / ١٢٧ ، شرح الرضي : ١ / ٢٤٤ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٣١٨ ـ ٣١٩ ، الهمع : ٣ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ، المقتضب : ٤ / ٣٩١ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٨٤ ـ ٨٥ ، ٨ / ٤٩ ، الجنى الداني : ٥٦٣ ـ ٥٦٤ ، جواهر الأدب : ٥٢٤.
(٢) وأجاز ذلك بعضهم على قلة ، قال أبو حيان : وهو مسموع من كلامهم.
انظر ارتشاف الضرب : ٢ / ٣١٩.
(٣) في الأصل : على. مكرر.
(٤) أي : في كون اللغتين الأخيرتين فيهما الاستثناء ، أما لغة «حشا» بحذف الألف الأولى فنازع فيها الصفار ، وقال : إنها ليست للاستثناء ، وهو مردود بقوله :
حشى رهط النّبيّ فإنّ فيهم |
|
بحورا لا تكدّرها الدّلاد |
قال ابن حمدون : فالنزاع فيها مردود ، نعم النزاع مع الناظم صحيح في «حاش» التي بحذف الألف الثانية ، وإنما هي بمعنى التنزيه نحو «حاش لله». انتهى. وكلام الناظم في التسهيل ظاهر في أن هذه اللغات في «حاشا» التي للتنزيه وهي التي يليها المجرور باللام ، نحو «حاشا لله» ، قال في التسهيل : «وإن وليها مجرور باللام لم تتعين فعليتها خلافا للمبرد ، بل اسميتها لجواز تنوينها ، وكثر فيها «حاش» ، وقل «حشا» ، و «حاش». انتهى. وظاهر كلامه هنا وفي شرح الكافية أنه «حاش» الاستثنائية.
انظر حاشية ابن حمدون : ١ / ١٦٦ ، الجنى الداني : ٥٦٨ ، شرح المرادي : ٢ / ١٢٩ ، التسهيل : ١٠٥ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٦٦ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٧٢٤.