وفهم من قوله : «وبعد الواو شاع ذا العمل» أنّ (ذلك) (١) بعد «بل» و «الفاء» غير شائع ، وهو مفهم أمرا صحيحا (٢).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وقد يجرّ بسوى ربّ لدى |
|
حذف وبعضه يرى مطّردا |
يعني : أنّ حذف حرف الجرّ وإبقاء عمله فيما سوى «ربّ» من / حروف الجرّ على قسمين :
غير مطّرد : وهو المشار إليه بقوله : «وقد يجرّ» ففهم منه التّقليل ، وفهم من التّقليل عدم الاطّراد ، ومنه قوله :
١٢٧ ـ إذا قيل أيّ النّاس شرّ قبيلة (٤) |
|
أشارت كليب (٥) بالأكفّ الأصابع |
ومطّرد : وهو المشار إليه بقوله : «وبعضه يرى مطّردا» ، وذلك في لفظ «الله» في القسم ، نحو «الله لأفعلنّ» ، وبعد «كم» الاستفهاميّة ، إذا دخل عليها حرف الجرّ ، نحو «بكم درهم».
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٨٨.
(٢) كلام المؤلف هنا يقتضي أن الفاء و «بل» في القلة وعدم الشيوع سواء ، وليس كذلك ، بل حذف «رب» بعد الفاء كثير ، وأما حذفها بعد «بل» فهو قليل ، قال ابن مالك في التسهيل (١٤٨) : «يجر بـ «رب» محذوفة بعد الفاء كثيرا وبعد الواو أكثر ، وبعد «بل» قليلا ، ومع التجرد أقل». وانظر شرح الأشموني : ٢ / ٢٣٣ ، شرح المرادي : ٢ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤.
(٣) في الأصل : فقل. انظر المصادر الآتية.
١٢٧ ـ من الطويل للفرزدق من قصيدة له في ديوانه (٥٢٠) ، يهجو بها جريرا ، أولها :
منّا الّذي اختير الرّجال سماحة |
|
وخيرا إذا هبّ الرّياح الزّعازع |
ويروى : «أشرت» ـ بتشديد الراء ـ بدل «أشارت» يقال : لا تشر فلانا أي : لا تشر إليه بشر. كليب : رهط جرير. بالأكف : حال من الأصابع ، والباء بمعنى : مع ، والمعنى : أشارت الأصابع في حال كونها مع الأكف مبالغة في الإشارة. والشاهد في قوله : «كليب» حيث جر بـ «إلى» محذوفة ، وأصله «إلى كليب» فأسقط الجار وأبقى عمله ، وهو قليل.
انظر المكودي مع ابن حمدون : ١ / ١٨٨ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٢١٢ ، الشواهد الكبرى : ٢ / ٥٤٢ ، ٣ / ٣٥٤ ، الخزانة : ٩ / ١١٣ ، ١٠ / ٤١ ، مغني اللبيب (رقم) : ١ ، ١٠٩٨ ، الهمع (رقم) : ١١٣٧ ، ١٣٩٧ ، الدرر اللوامع : ٢ / ٣٧ ، ١٠٦ ، شرح الأشموني : ٢ / ٩٠ ، ٢٣٣ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٢٣٥ ، شواهد الجرجاوي : ٢٤٨ ، شرح المرادي : ٢ / ٢٣٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٦٣٥ ، الجامع الصغير : ٨٩ ، فتح رب البرية : ٢ / ٢٩٩.
(٤) في الأصل : كليبة. انظر المصادر الآتية.