هذا بيان صفة الإخبار ، فما قيل لك أخبر عنه بـ «الّذي» ـ جعلته خبرا مؤخّرا عن الموصول الّذي استقرّ في أول الكلام ، وما سوى / المخبر به والمخبر عنه (اجعله صلة عائدها) (١) هو (خلف عن الاسم) (٢) الّذي حصلت التّكملة به لمجيئه خبرا (٣).
فإذا قيل لك : أخبر عن «زيد» ، من قولك : «ضربت زيدا» بـ «الّذي» ـ قلت : «الّذي ضربته زيد» ، فتؤخّر «زيدا» (٤) ، وترفعه على أنّه خبر ، وتبدأ الكلام بموصول مطابق له ، وتجعل ما بقي من الجملة صلته ، وتجعل في محلّ «زيد» (٥) ضميرا عائدا على الموصول ، فهذه خمسة أعمال في هذا التّركيب ، لا يجوز الإخلال بشيء منها.
وقد علمت (٦) بهذا أنّ عبارة النّحاة في هذا المحلّ فيها تجوّز ، فإنّ «الّذي» مخبر عنه ، لا مخبر به ، و «زيد» بالعكس ، وذلك خلاف الظاهر من قولهم : «أخبر عن كذا بالّذي» ، وتأويل الكلام : أخبر عن مسمّى «زيد» في حال تعبيرك عنه بـ «الّذي» (٧).
__________________
(١ ـ ٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(٣) انظر شرح ابن الناظم : ٧٢١ ، شرح الأشموني : ٤ / ٥٤ ، شرح المكودي : ٢ / ١٠٤ ، التصريح على التوضيح : ٢٦٤ / ٢ ، كاشف الخصاصة : ٣٣١ ، شرح دحلان : ١٦٠ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٣٣.
(٤) في الأصل : زيد.
(٥) الذي أخرته. انظر شرح الأشموني : ٤ / ٥٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٦٤.
(٦) في الأصل : عملت.
(٧) قال ابن مالك : المخبر عنه في هذا الباب هو المجعول في آخر الجملة خبرا لموصول مبتدأ تصدر به الجملة. وقال ابن السراج : وإنما قال النحويون أخبر عنه وهو اللفظ خبر ، لأنه في المعنى محدث عنه. وقال أبو حيان : ويحتمل أن الباء بمعنى : «عن» ، و «عن» بمعنى : الباء ، كما تقول : سألت عنه ، وسألت به ، فكأنه قال : أخبر بهذا الاسم أي : صيره خبرا. وقال المكودي : الباء في قوله : «بالذي» باء السببية لا باء التعدية ، وعلله بأنك إذا جعلتها باء التعدية يكون المعنى : إن الذي به يكون الإخبار ، وليس كذلك ، بل الإخبار يكون عن الذي بغيره. وقال ابن عصفور : إن كلامهم مؤول على معنى الإخبار عن مسمى «زيد» في حال التعبير عنه بـ «الذي».
انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٧٧٢ ، الأصول لابن السراج : ٢ / ٢٧١ ، النكت الحسان لأبي حيان : ١٨٩ ، الهمع : ٥ / ٢٩٧ ، شرح المكودي : ٢ / ١٠٤ ، إعراب الألفية : ١١٦ ، شرح الأشموني : ٤ / ٥٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٦٤ ، المطالع السعيدة : ١٩٤ ، المساعد لابن عقيل : ٣ / ٢٧٨.