ولنذكر مسألتين غير مسألة الكتاب يتّضح بهما المعنى :
إذا قيل أخبر عن «زيد» من قولنا : «زيد منطلق» بـ «الّذي» قلت : «الّذي هو منطلق زيد» ، فـ «الّذي» مبتدأ ، وهو ضمير خلف عن «زيد» وهو العائد ، وأتيت به منفصلا لعدم ما يتّصل به ، و «هو» و «منطلق» الصلة ، و «زيد» الخبر.
فإن قيل أخبر عن «التّاء» من قولك : «ضربت زيدا» عملت ما تقدّم من الأعمال الخمسة ، واحتجت إلى عمل سادس ، وهو أن تأتي بالضمير المخبر عنه منفصلا ، فتقول : «الّذي ضرب زيدا أنا» والعائد الّذي «هو» خلف عن الضّمير ، هو فاعل / «ضرب» مستترا ، فاعرف المأخذ وقس عليه.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وبالّلذين والّذين والّتي |
|
أخبر مراعيا وفاق المثبت |
يخبر بفروع «الّذي» من تأنيثه ، وتثنية كلّ منهما ، وجمعه ، كما يخبر بـ «الّذي» مراعيا في ذلك كلّه مطابقته للمخبر عنه في الموصول المخبر به ، وفي العائد عليه ، فيشمل خمس مسائل ننظرها بمثال واحد ، وهو : «بلّغ امرأتاك رسالة من أخويك إلى أمّهاتك بحضور قومك. فإن أخبرت عن «الرّسالة» من هذا التّركيب ـ قلت : الّتي بلّغها امرأتاك من أخويك إلى أمّهاتك بحضور قومك ـ رسالة» فتقدّم المضمر عن محلّه ، وتصله بالفعل ، لأنّه أمكن الإتيان به متّصلا ، فلا يعدل إلى المنفصل ، ولا مانع من حذفه لأنّه عائد متّصل منصوب بفعل ، فيحذف ، كما في غير هذا الباب. وإن أخبرت عن «الأخوين» ـ قلت : «الّلذان بلّغ امرأتاك رسالة منهما (إلى) (١) أمّهاتك ، بحضور قومك ـ أخواك».
وإن أخبرت عن «امرأتيك» ـ قلت : «الّلتان بلّغا رسالة من أخويك إلى أمّهاتك ، بحضور قومك ـ امرأتاك».
وإن أخبرت عن «القوم» ـ قلت : «الّذين بلّغ امرأتاك رسالة من أخويك إلى أمّهاتك ، بحضورهم ـ قومك».
وإن أخبرت عن «الأمّهات» ـ قلت : «الّلاتي بلّغ امرأتاك رسالة / من أخويك إليهنّ بحضور قومك ـ أمّهاتك».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
قبول تأخير وتعريف لما |
|
أخبر عنه هاهنا قد حتما |
كذا الغنى عنه بأجنبيّ او |
|
بمضمر شرط فراع ما رعوا |
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل.