ذكر للمخبر عنه في هذا الباب أربعة شروط :
أحدها : أن يكون قابلا للتأخير ، (فلا يخبر) (١) عمّا (٢) لم يقبل التّأخير ، لاستحقاق التّصدّر ، كأسماء الاستفهام ، والشّرط ، و «كم» الخبريّة ، لما يلزم من ذلك تأخيره إلى آخر الكلام ، فيزول ما استقرّ له من التّصدّر (٣). ولا يرد على ذلك الضمير المتّصل ، فإنّ خلفه ـ وهو المنفصل ـ يقبل التّأخير.
الثّاني : أن يكون قابلا للتعريف ، فلا يخبر عن الحال ، والتّمييز ، لما تقرّر من أنّك تأتي في محلّ المخبر عنه بضمير ، فيكون قد نصبت الضّمير على الحال أو التّمييز (٤) ، وذلك لا يجوز (٥).
وكذا لا يخبر (٦) عن «أحد» من قولك : «لم أر أحدا» ، لأنّه لا يقبل التّعريف ، فلا يصحّ وقوعه خبرا عن المعرفة. هذا هو المانع من الإخبار عنه ، لا عدم جواز وروده في الإثبات (٧).
الثّالث : أن يصحّ الاستغناء عنه بأجنبيّ ، فلا يخبر عن «الهاء» من قولك : «زيد ضربته» ، فإنّك لو أخبرت عنه لقلت : «الّذي زيد ضربته هو» فيكون
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع الأشموني : ٤ / ٥٥.
(٢) في الأصل : فيما.
(٣) هذا مذهب الجمهور. وقيل : إلا اسم الاستفهام فإنه يجوز الإخبار عنه ، ويلزم الصدر ، فيقال في : «أيهم قائم» : «أيهم الذي هو قائم» ، وفي : «أيهم ضربت» : «أيهم الذي إياه ضربت» ، وإليه ذهب ابن عصفور.
انظر الهمع : ٥ / ٣٠٠ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٤٩٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٦٥ ، حاشية الصبان : ٤ / ٥٥.
(٤) في الأصل : والتمييز.
(٥) قال ابن عصفور : وأما امتناع الإخبار عن الحال والتمييز ، فلأن ذلك يؤدي إلى رفعهما ، وذلك إخراج لهما عن بابهما ، وأيضا فإن ذلك يؤدي إلى إضمارهما وجعلهما معرفتين ، والحال والتمييز لا يكونان أبدا إلا منصوبين مظهرين منكرين.
انظر شرح ابن عصفور : ٢ / ٤٩٨ ، شرح الرضي : ٢ / ٤٦ ، الفوائد الضيائية : ٢ / ١٠٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٦٥ ، المطالع السعيدة : ١٩٤.
(٦) في الأصل : تخبر.
(٧) وقال ابن مالك : ونبهت باشتراط جواز الاستغناء عنه بمثبت : على أنه لا يخبر عن «أحد» ولا «عريب» ولا «ديار» ونحوها من الأسماء التي لا تستعمل إلا في النفي. انتهى.
انظر شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ١٧٧٤ ، الهمع : ٥ / ٣٠٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٦٧ ، شرح الأشموني : ٤ / ٥٥٦ ، شرح الرضي : ٢ / ٤٦ ، المطالع السعيدة : ١٩٥.