وصاحبي / (١) : غلامني ، وصاحبني ، لم يجز ، فلمّا دخلت هذه النّون عليه ؛ دلّا على أنّه فعل.
والوجه الثّاني : أنّهم قالوا : الدّليل على أنّه فعل ، أنّه ينصب المعارف والنّكرات ، و «أفعل» إذا كان اسما ، إنّما ينصب النّكرات خاصّة على التّمييز ؛ نحو : هذا أكبر منك سنّا ، وأكثر منك علما ، وما أشبه ذلك ، فلمّا نصب ـ ههنا ـ المعارف ، دلّ على أنّه فعل ماض.
والوجه الثّالث : أنّهم قالوا : الدّليل على أنّه فعل ماض ، أنّه مفتوح الآخر ؛ فلو لم يكن فعلا ، لما كان لبنائه على الفتح وجه ، إذ لو كان اسما ؛ لكان يجب أن يكون مرفوعا ؛ لوقوعه خبرا ل «ما» قبله بالإجماع ، فلمّا وجب أن يكون مفتوحا ، دلّ على أنّه فعل ماض.
[استدلالات الكوفيّين على اسميّة حبّذا]
وذهب الكوفيّون إلى أنّه اسم ، واستدلّوا على ذلك من ثلاثة أوجه :
الوجه الأوّل : أنّهم قالوا : الدّليل على أنّه اسم أنّه لا يتصرّف ، ولو كان فعلا ؛ لوجب (٢) أن يكون متصرّفا ؛ لأنّ التصرّف من خصائص الأفعال ، فلمّا لم يتصرّف ، دلّ على أنّه ليس بفعل ؛ فوجب أن يلحق الأسماء.
والوجه الثّاني : أنّهم قالوا : الدّليل على أنّه اسم أنّه يدخله التّصغير ؛ والتّصغير من خصائص الأسماء ؛ قال الشّاعر (٣) : [البسيط]
يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا |
|
من هؤليّائكنّ الضّال والسّمر (٤) |
والوجه الثّالث : أنّهم قالوا : الدّليل على أنّه اسم أنّه يصحّ نحو : ما
__________________
(١) سقطت من (ط).
(٢) في (س) لكان يجب ؛ وكلاهما صحيح.
(٣) نسب البيت إلى عدد من الشّعراء ؛ منهم المجنون ؛ والبيت في ديوانه ص ١٣٠ ؛ والعرجيّ ، وذو الرّمّة ، والحسين بن عبد الله.
(٤) المفردات الغريبة شدنّ : يقال شدن الظّبي : إذا قوي ، وطلع قرناه ، واستغنى عن أمّه.
هؤليّائكنّ : تصغير هؤلاء. الضّال : شجر السّدر البرّي. السّمر : شجر الطّلح. راجع القاموس : مادة (سمر) ص ٣٦٩.
موطن الشّاهد : (أميلح). وجه الاستشهاد : تصغير فعل التّعجّب ، واستدلّ به الكوفيّون على أنّه اسم ؛ لأنّ التصغير من خصائص الأسماء ؛ والصّواب ما ذهب إليه البصريّون.
ـ وفي البيت شاهد آخر على تصغير اسم الإشارة «أولاء» مع اقترانه بالهاء.