أقومه! ، وما أبيعه! ، كما يصحّ الاسم في نحو : هذا أقوم منك ، وأبيع منك ، ولو أنّه فعل ؛ لوجب أن يعتلّ كالفعل ؛ نحو : أقام وأباع في قولهم : «أباع الشّيء» إذا عرّضه للبيع ، فلمّا لم يعتل ، وصحّ كالأسماء مع ما دخله من الجمود والتّصغير ، دلّ على أنّه اسم.
[رجحان مذهب البصريّين]
والصّحيح ما ذهب إليه البصريّون ، وأمّا ما استدلّ به الكوفيّون ففاسد ؛ أمّا قولهم : إنّه لا يتصرّف ، فلا حجّة فيه ، ولأنّا أجمعنا على أنّ : عسى وليس فعلان ، ومع هذا لا يتصرّفان وكذلك ـ ههنا ـ وإنّما لم يتصرّف فعل التّعجّب لوجهين :
أحدهما : أنّهم لمّا لم يصرغوا للتّعجّب حرفا يدلّ عليه ، جعلوا له صيغة لا تختلف ؛ لتكون دلالة على المعنى الذي أرادوه ، وأنّه مضمّن معنى ليس في أصله.
والوجه الثّاني : إنّما لم يتصرّف ؛ لأنّ الفعل المضارع يصلح للحال والاستقبال ، والتّعجّب إنّما يكون ممّا هو موجود في الحال ، أو كان فيما مضى ، ولا يكون التّعجّب ممّا لم يقع ، فلمّا كان المضارع يصلح للحال والاستقبال ، كرهوا أن يصرفوه إلى صيغة تحتمل الاستقبال الذي لا يقع التّعجّب منه.
[الرّد على قولهم : يدخله التّصغير]
وأما قولهم : إنّه يدخله التّصغير ، وهو من خصائص الأسماء ؛ قلنا : الجواب عنه من ثلاثة أوجه :
الوجه الأوّل : أنّ التصغير ـ ههنا ـ لفظيّ ؛ والمراد به : تصغير المصدر ، لا تصغير الفعل ؛ لأنّ هذا الفعل منع من التّصرّف ، والفعل متى منع من التصّرّف ، لا يؤكّد بذكر المصدر ، فلمّا أرادوا تصغير المصدر ، صغّروه بتصغير فعله ؛ لأنّه يقوم مقامه ، ويدلّ عليه ، فالتصغير في الحقيقة للمصدر ، لا للفعل.
والوجه الثّاني : أنّ التّصغير إنّما حسن في فعل التّعجّب ؛ لأنّه لمّا لزم طريقة واحدة ، أشبه الأسماء ، فدخله بعض أحكامها ، والشّيء إذا أشبه الشّيء من وجه ، لا يخرج بذلك عن أصله ، كما أنّ اسم الفاعل محمول على الفعل في العمل ، فلم يخرج بذلك عن كونه اسما ، والفعل محمول على الاسم في الإعراب ، ولم يخرج عن كونه فعلا ؛ فكذلك ههنا.
والوجه الثّالث : أنّه إنّما دخله التّصغير حملا على باب أفعل الذي