الفعل ، ولم يظهر لدلالة ما تقدّم عليه من قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ)(١) الآية (٢).
لأنّ في ذلك دلالة على أنّ ذلك مكتوب (٣) عليهم ، فنصب «كتاب / الله / (٤)» على المصدر ؛ كقوله تعالى : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ)(٥) فنصب : «صنع الله» على المصدر بفعل مقدّر ، دلّ عليه ما قبله (٦) ؛ / ونحو ذلك قول / (٧) الشّاعر (٨) : [الطّويل]
دأبت إلى أن ينبت الظّلّ بعد ما |
|
تقاصر حتّى كاد في الآل يمصح |
وجيف المطايا ، ثم قلت لصحبتي |
|
ولم ينزلوا : أبردتم فتروّحوا (٩) |
فنصب «وجيف» بفعل دلّ عليه ما تقدّم. وأمّا البيت الذي أنشدوه ، فلا حجّة / لهم / (١٠) فيه من وجهين :
أحدهما : أنّ قوله «دلوي دونكا» في موضع رفع ؛ لأنّه خبر مبتدأ مقدّر ؛ والتّقدير فيه ؛ هذا دلوي دونكا ، والثّاني : أنّا نسلّم أنّه في موضع
__________________
(١) س : ٤ (النّساء ، ن : ٢٣ ، مد).
(٢) سقطت من (س).
(٣) في (س) المكتوب.
(٤) سقطت من (س).
(٥) س : ٢٧ (النّمل ، ن : ٨٨ ، مك).
(٦) لأنّ التّقدير : صنع صنعا الله ؛ فحذف الفعل «صنع» وأضيف المصدر «صنعا» إلى الفاعل (لفظ الجلالة) كإضافته إلى المفعول ؛ فجاءت : صنع الله.
(٧) في (ط) قال.
(٨) الشّاعر هو : الرّاعي النّميريّ ، أبو جندل ، عبيد بن حصين ، من بني نمير ، كان سيّدا في قومه ، وسمّي بالرّاعي ؛ لأنّه أكثر من وصف راعي الإبل في شعره ؛ له ديوان شعر مطبوع. مات سنة ٩٠ ه. طبقات ابن سلّام ١ / ٥٠٢.
(٩) المفردات الغريبة : الآل : السّراب. يمصح : يذهب وينقطع.
وجيف المطايا : ضرب من سير الإبل والخيل. أبردتم : دخلتم في آخر النّهار. تروّحوا :الرّواح الذّهاب ، أو السّير بالعشيّ ؛ والمراد : حان وقت مبيتكم واستراحتكم.
موطن الشّاهد : (وجيف المطايا).
وجه الاستشهاد : انتصاب «وجيف» على المصدر المؤكّد لمعنى قوله : «دأبت» ؛ لأنّه بمعنى : واصلت السّير ، وأوجفت المطيّ ؛ أي : سمتها الوجيف ، وهو سير سريع.
(١٠) سقطت من (س).