«فادّخاره» معرفة بالإضافة ، و «تكرّما» نكرة ؛ وقال الآخر (١) : [الرّجز]
يركب كلّ عاقر جمهور |
|
مخافة وزعل المحبور (٢) |
والهول من تهوّل الهبور (٣) |
وذهب أبو عمر الجرميّ إلى أنّه لا يجوز أن يكون إلّا نكرة ، وتقدّر بالإضافة (٤) في هذه المواضع في نيّة الانفصال ، فلا يكتسب التّعريف من المضاف إليه ؛ كقولهم : «مررت برجل ضارب زيدا غدا» ، قال الله تعالى : (هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا)(٥) وقال الشّاعر (٦) : [الكامل]
سلّ الهموم بكلّ معطي رأسه |
|
ناج مخالط صهبة متعيّس (٧) |
والذي عليه الجمهور ، والمذهب المشهور هو الأوّل ، والذي ادّعاه
__________________
أعرض : أبتعد.
موطن الشّاهد : (ادّخاره ، تكرّما).
وجه الاستشهاد : وقوع «ادّخار» مفعولا لأجله ، وهو معرفة ؛ لإضافته إلى الضّمير ، ووقوع «تكرّما» مفعولا لأجله ، وهو نكرة ؛ ففي هذا دلالة على جواز مجيء المفعول له معرفة ونكرة.
(١) الشّاعر هو : العجّاج ، عبد الله بن رؤية ، من بني سعد بن زيد مناة التّميميّ ؛ لقّب بالعجّاج لبيت قاله ؛ وهو من أشهر الرّجّاز العرب. اتّهمه سليمان بن عبد الملك بأنّه لا يحسن الهجاء ؛ فقال له «إنّ لنا أخلاقا تمنعنا ، وهل رأيت بانيا ، لا يحسن الهدم؟» عمّر طويلا ، ومات سنة ٩٦ ه تقريبا. الشّعر والشّعراء ٢ / ٥٩١.
(٢) المفردات الغريبة : عاقر من الرّمل : الذي لا ينبت. جمهور : المرتبك لخوفه من طائر أو سبع. والزّعل : النّشاط. المحبور : المسرور. الهبور : جمع «هبر» وهو ما اطمأنّ من الأرض ، وفيها يكمن الصّيّادون ويروى القبور ؛ والرّجز في وصف ثور وحشيّ.
(٣) موطن الشّاهد : (مخافة ، زعل ، الهول).
وجه الاستشهاد : انتصاب «مخافة» مفعولا لأجله ، وهي نكرة ، وعطف عليها «زعل» وهي نكرة ، ثمّ عطف «الهول» وهي معرفة ؛ وفي الشّاهد دليل على مجيء المفعول لأجله نكرة ومعرفة ، كما في الشّاهدين السّابقين.
(٤) في (س) ويقدّر الإضافة.
(٥) س : ٤٦ (الأحقاف ، ن : ٢٤ ، مك).
(٦) الشّاعر هو : المرّار الأسديّ.
(٧) المفردات الغريبة : معطي رأسه : أي ذلول. ناج : سريع. الصّهبة : الضّارب بياضه إلى حمرة. متعيّس والأعيس : الأبيض ، وهو أفضل ألوان الإبل ؛ والمراد : سلّ همومك بفراق من تهوى ، ونأيه عنك بكلّ بعير ترتحله يتّصف بالصّفات السّابقة.