الحروف لا يجوز ، ألا ترى أنّك تقول : «ما زيد قائما» ، ولو قلت : «ما زيد / إلّا / (١) قائما» بمعنى (٢) : «نفيت زيدا قائما» لم يجز ذلك ؛ فكذلك ههنا.
والوجه الثّالث : أنّه يبطل بقولهم : «قام القوم غير زيد» فإن «غير» منصوب ، فلا يخلو إمّا أن يكون منصوبا بتقدير «إلّا» ، وإمّا أن يكون منصوبا بنفسه ، وإمّا أن يكون منصوبا بالفعل الذي قبله ؛ بطل أن يقال إنّه منصوب بتقدير «إلّا» لأنّا لو قدّرنا «إلّا» لفسد المعنى ؛ لأنّه يصير التّقدير فيه : «قام القوم إلّا غير زيد» وهذا فاسد ؛ وبطل / أيضا / (٣) أن يقال : إنّه يعمل في نفسه ؛ لأنّ الشّيء لا يعمل في نفسه ؛ فوجب أن يكون العامل / فيه / (٤) هو الفعل المتقدّم ، وإنّما جاز أن يعمل فيه ، وإن كان لازما ؛ لأنّ «غير» موضوعة على الإبهام / المفرط / (٥) ، ألا ترى أنّك تقول : «مررت برجل غيرك» ، فيكون كلّ من عدا المخاطب داخلا تحت «غير»؟ فلمّا كان فيه هذا الإبهام المفرط ، أشبه الظّروف المبهمة ؛ نحو : «خلف ، وأمام ، ووراء ، وقدّام» وما أشبه ذلك ؛ وكما أنّ الفعل يتعدّى إلى هذه الظّروف من غير واسطة ، فكذلك ههنا.
والوجه الرّابع : أنّا نقول : لماذا قدّرتم «أستثني زيدا» ، وهلّا قدّرتم «امتنع زيد» كما حكي عن أبي على الفارسيّ أنّه كان مع عضد الدّولة في الميدان ، فسأله عضد الدّولة عن المستثنى بماذا انتصب (٦)؟ فقال أبو عليّ الفارسيّ (٧) : / ينتصب / (٨) لأنّ التّقدير : «أستثني زيدا» فقال / له / (٩) عضد الدّولة ، وهلّا قدّرت : امتنع / زيد / (١٠) فرفعته؟ فقال له أبو عليّ : هذا الجواب الذي ذكرته لك / جواب / (١١) ميدانيّ ، وإذا رجعنا ، ذكرت لك الجواب الصّحيح ، إن شاء الله تعالى.
والوجه الخامس : أنّا إذا أعملنا معنى «إلّا» كان الكلام جملتين ، وإذا
__________________
(١) في (ط) ما زيدا قائما. (٢) في (س) على معنى.
(٣) سقطت من (س).
(٤) سقطت من (س).
(٥) سقطت من (س).
(٦) في (س) ينتصب.
(٧) أبو عليّ الفارسيّ : الحسن بن أحمد الفارسيّ الفسويّ ، نسبة إلى مدينة قرب شيراز ، إمام عصره في النّحو واللّغة ؛ له : الإيضاح ، والتّذكرة ، والحجّة في القراءات ، وغيرها.
مات سنة ٣٧٧ ه. البلغة ٥٣ ، وإنباه الرّواة ١ / ٢٧٣.
(٨) سقطت من (ط).
(٩) سقطت من (ط).
(١٠) زيادة من (س).
(١١) سقطت من (ط).