وقال الآخر (١) : [الرّجز]
وما عليك أن تقولي كلّما |
|
صلّيت أو سبّحت يا اللهمّا |
اردد علينا شيخنا مسلّما |
فجمع بين «الميم» و «يا» ، ولو كانت عوضا عنها ، لم يجمع بينهما ؛ لأنّ العوض والمعوّض لا يجتمعان. والصّحيح : ما ذهب إليه البصريّون ، وأمّا قول الكوفيّين : إنّ أصله «يا الله أمّنا بخير» فهو فاسد ؛ لأنّه لو كان الأمر على ما / ذكروا / (٢) وذهبوا إليه ، لما جاز أن يستعمل هذا اللّفظ إلّا في ما يؤدّي إلى (٣) هذا المعنى ، ولا شكّ أنّه يجوز أن يقال : «اللهمّ العنه ، اللهمّ أخزه» وما أشبه ذلك ؛ قال الله تعالى : (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(٤) ، ولو كان الأمر على ما ذهبوا إليه ؛ لكان التّقدير فيه «أمّنا بخير إن كان هذا هو الحقّ من عندك ، فأمطر علينا حجارة من السّماء ، أو ائتنا بعذاب أليم» ولا شكّ أنّ هذا التّقدير ظاهر الفساد ، إذ لا يكون أمّهم بالخير أن يمطر عليهم حجارة من السّماء ، أو يؤتوا بعذاب أليم ؛ وقولهم : إنّه يجوز أن يجمع بين «الميم» و «يا» بدليل ما أنشدوه ، فلا حجّة فيه ؛ لأنّه إنّما جمع بينهما لضرورة الشّعر ، ولم يقع الكلام في حال الضّرورة ، وإنّما سهّل الجمع بينهما للضّرورة ، أنّ العوض في آخر الكلمة ، والجمع بين العوض والمعوّض جائز في ضرورة الشّعر ؛ / كما / (٥) قال الشّاعر (٦) : [الطّويل]
هما نفثا في فيّ من فمويهما |
|
[على النّابح العاوي أشدّ رجام](٧) |
فجمع بين «الميم» و «الواو» وهي عوض منها ، فكذلك ههنا ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) لم ينسب إلى قائل معيّن ؛ والشّاهد فيه كسابقه تماما.
(٢) سقطت من (س).
(٣) في (س) عن.
(٤) س : ٨ (الأنفال : ٣٢ ، مد).
(٥) زيادة من (س).
(٦) الشّاعر هو : الفرزدق ، وقد سبقت ترجمته.
(٧) موطن الشّاهد : (فمويهما).
وجه الاستشهاد : الجمع بين الواو والميم ـ وهي عوض منها ـ لضرورة الشّعر ، كما بيّن المؤلّف في المتن.