باللّفظ ، وتارة بالتّثنية اعتبارا بالمعنى ؛ قال الله تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها)(١) فردّ / الضّمير / (٢) إلى اللّفظ فأفرد ، ثمّ قال الشّاعر (٣) : [الطّويل]
كلا أخوينا ذو رجال كأنّهم |
|
أسود الشّرى من كلّ أغلب ضيغم (٤) |
وقال الآخر / وهو الفرزدق / (٥) : [البسيط]
كلاهما حين جدّ الجري بينهما |
|
قد أقلعا وكلا أنفيهما راب (٦) |
فردّ إلى اللّفظ والمعنى ؛ فقال : «أقلعا» اعتبارا بالمعنى ، وقال : «راب» اعتبارا باللّفظ ، والذي يدلّ على أنّ الألف فيهما ليست للتّثنية أنّها لو كانت للتّثنية ؛ لا نقلبت في النّصب والجرّ إذا أضيفتا إلى المظهر ؛ لأنّ الأصل هو المظهر ؛ تقول : رأيت كلا الرّجلين ، ومررت بكلا الرّجلين ، ورأيت كلتا المرأتين / ومررت بكلتا المرأتين / (٧) فلو كانت للتّثنية ؛ لوجب أن تنقلب مع المظهر ، فلمّا لم تنقلب ، دلّ على أنّها الألف المقصورة ، وليست للتّثنية.
وذهب الكوفيّون إلى أنّ الألف فيهما للتّثنية ، واستدلّوا على ذلك بقول الشّاعر (٨) : [الرّجز]
في كلت رجليها سلامى واحدة |
|
كلتاهما مقرونة بزائده (٩) |
__________________
(١) س : ١٨ (الكهف ، ن : ٣٣ ، مك).
(٢) سقطت من (س).
(٣) لم ينسب إلى قائل معيّن.
(٤) المفردات الغريبة : الشّرى : موضع تنسب إليه الأسود الشّرسة. الضّغم : العضّ الشّديد ؛ ومنه سمّي الأسد ضيغما.
موطن الشّاهد : (كلا أخوينا ذو).
وجه الاستشهاد : إفراد «ذو» في الإخبار عن «كلا» حملا على اللّفظ ، وهو الأفضل ، والأرجح ؛ ولو ثنّى «ذو» حملا على المعنى لجاز.
(٥) سقطت من (ط). والفرزدق : سبقت ترجمته.
(٦) المفردات الغريبة : كلاهما : الضّمير فيها عائد إلى فرسين تتاسابقان. أقلعا : توقّفا.
راب : منتفخ من الجري.
موطن الشّاهد : (كلاهما. . . أقلعا ، كلا أنفيهما راب).
وجه الاستشهاد : تثنية الضّمير العائد إلى «كلا» في الخبر «أقلعا» حملا على المعنى ، وإفراده في «راب» حملا على اللّفظ ؛ وكلاهما صحيح ، غير أنّ الحمل على اللّفظ لغة القرآن ؛ وهو الأرجح ، كما أوضحنا.
(٧) سقطت من (ط).
(٨) لم ينسب إلى قائل معيّن.
(٩) المفردات الغريبة : السّلامى : عظام الأصابع ؛ وهو اسم للواحد والجمع أيضا ؛ وتجمع