أن يبنى على الكسر ؛ بطل أن يبنى على الضّمّ ـ أيضا ـ لثلاثة أوجه :
الوجه الأوّل : أنّ الضّمّ أثقل ، وإذا بطل أن يبنى على الثّقيل ، فلئلّا (١) يبنى على الأثقل أولى.
والوجه الثّاني : أنّ الضّمّ أخو الكسر ؛ لأنّ الواو أخت الياء ، ألا ترى أنّهما يجتمعان في الرّدف / في / (٢) نحو قوله (٣) : [الوافر]
ولا تكثر على ذي الضّغن عتبا |
|
ولا ذكر التّجرّم للذّنوب |
ولا تسأله عمّا سوف يبدي |
|
ولا عن عيبه لك بالمغيب |
متى تك في صديق أو عدوّ |
|
تخبّرك العيون عن القلوب (٤) |
والوجه الثّالث : إنّما لم يبن على الضّمّ ؛ لأنّ من العرب من يجتزىء بالضّمّة عن الواو ، فيقول في قاموا : «قام» وفي كانوا «كان» قال الشّاعر (٥) : [الوافر]
فلو أنّ الأطبا كان حولي |
|
وكان مع الأطبّاء الشّفاء (٦) |
وإذا بطل أن يبنى على الكسر والضّمّ ؛ وجب أن يبنى على الفتح.
[علّة بناء الأمر على السّكون]
فإن قيل : فلم بني فعل الأمر على الوقف؟ قيل : لأنّ الأصل في الأفعال البناء ، والأصل في البناء أن يكون على الوقف ؛ (فبني على الوقف) (٧) لأنّه الأصل. و/ قد / (٨) ذهب الكوفيّون إلى أنّه معرب ، وإعرابه الجزم ، واستدلّوا على ذلك من ثلاثة أوجه :
__________________
(١) في (ط) فلألّا ، والصّواب ما أثبتنا.
(٢) زيادة من (س).
(٣) القائل : زهير بن أبي سلمى ، وقد سبقت ترجمته.
(٤) موطن الشّاهد : (الذّنوب ، المغيب ، القلوب).
وجه الاستشهاد : اجتماع الواو في «الذّنوب» مع الياء في «المغيب» وكذا الواو في «القلوب» في ردف الأبيات ؛ لأنّهما أختان ، كما ذكر المؤلّف في المتن.
(٥) لم ينسب إلى قائل معيّن.
(٦) المفردات الغريبة : الأطبّا : الأطبّاء ؛ والطّبيب : الحاذق ، من الطّبّ ؛ وهو الحذق.
كان : كانوا. وفي البيت شاهد آخر على قصر الأطباء ، فجاءت الأطبّا.
موطن الشّاهد (كان).
وجه الاستشهاد : الاجتزاء بالضّمّة عن الواو ؛ لأنّ الأصل فيها كانوا.
(٧) سقطت من (س).
(٨) سقطت من (س).