وأمّا «أنف» فإنّما جمعه على «أفعال» فقالوا (١) «آناف» ؛ لأنّ فيه (٢) النّون ؛ والنّون فيها غنّة ، فصارت الغنّة فيها بمنزلة الحركة ، فصار بمنزلة «فعل» فجمع على «أفعال» وأمّا «زند» فإنّما جمع على «أفعال» ، فقالوا : «أزناد» لوجهين :
أحدهما : لما ذكرنا أنّ النّون فيها غنّة ، فصارت كأنّها متحرّكة.
والوجه الثّاني : أنّ «زندا» في معنى «عود» و «عود» يجمع على «أعواد» ، فكذلك ما كان في معناه.
[علّة جمع فعل على أفعال]
فإن قيل : فلم (٣) جمعوا «فعلا» إذا كانت عينه ياء أو واوا على «أفعال» ولم يجمعوه على «أفعل»؟ قيل : لأنّهم لو جمعوه على «أفعل» على قياس الصّحيح ؛ لأدّى ذلك إلى الاستثقال ، ألا ترى أنّك لو قلت في جمع «بيت : أبيت (٤) ، وفي جمع «عود : أعود (٥)» لأدّى ذلك إلى ضمّ الياء والواو ، والياء تستثقل عليها الضّمّة ؛ لأنّها معها بمنزلة ياء وواو ، وكذلك الواو ـ أيضا ـ تستثقل عليها الضّمّة أكثر من الياء ؛ لأنّها معها بمنزلة واوين ، فلمّا كان ذلك مستثقلا ؛ عدلوا عنه إلى «أفعال».
[علّة جمعهم بين فعال وفعول في جمع الكثرة]
فإن قيل : فلم جمعوا بين «فعال ، وفعول» في جمع الكثرة؟ قيل : لاشتراكهما في عدد الحروف ، وإن كان في أحدهما حرف ليس في الآخر.
[علّة الصّياغة في جمع التّكسير]
فإن قيل : فلم خصّوا في جمع التّكسير ما كان على «فعل ممّا عينه واو
__________________
وعنى بالأفراخ ـ هنا ـ أطفاله الصّغار. ذي مرخ : اسم موضع. زغب الحواصل : كناية عن جوعهم ، وصغر سنّهم. وهذان البيتان قالهما الحطيئة وهو في سجن عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ لمّا سجنه بسبب هجائه للزّبرقان بن بدر ؛ فرقّ له أمير المؤمنين ، ونهاه عن هجاء النّاس ، وأخلى سبيله.
موطن الشّاهد : (أفراخ).
وجه الاستشهاد : مجيء «أفراخ» على وزن «أفعال» وقد بيّن المؤلّف في المتن سبب ذلك.
(١) في (ط) قالوا.
(٢) في (ط) فيها.
(٣) في (س) ولم.
(٤) في (س) شيخ أشيخ.
(٥) في (س) ، أعواد ، والصّواب ما في المتن.