ولم يحسنوا (١) أن يجعلوا النّكرة أقوى من المعرفة ، وآثروا التّسوية بينهما ، جاؤوا (٢) باسم ناقص لا يتمّ إلّا بجملة ، فجعلوه وصفا للمعرفة توصّلا إلى وصف المعارف بالجمل ، كما أتوا ب «ذي» التي (٣) بمعنى «صاحب» توصّلا إلى الوصف بأسماء الأجناس ؛ نحو / قولك / (٤) : «مررت برجل ذي مال» ، وأتوا ب «أيّ» توصّلا إلى نداء ما فيه الألف واللّام ؛ نحو : «يا أيّها الرّجل» ، ونحو ذلك.
[علّة وجوب العائد من الصّلة إلى الموصول]
فإن قيل : فلم وجب العائد من الصّلة إلى الموصول؟ قيل : لأنّ العائد يعلّقها بالموصول ، ويتمّمها به ، ولذلك ، لم يجز أن يرتفع «زيد / ب / (٥) خرج» في قولهم : الذي خرج زيد ؛ لأنّه يؤدّي إلى أن تخلو الصّلة من العائد إلى الموصول.
[علّة حذف العائد المنصوب]
فإن قيل : فلم حذف في قوله تعالى : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً)(٦)؟قيل : لأنّ العائد ضمير المنصوب المتّصل والضّمير المنصوب المتّصل يجوز حذفه (وإنّما جاز حذفه) (٧) ؛ لأنّه صار الاسم الموصول ، والفعل ، والفاعل ، والمفعول بمنزلة شيء واحد ؛ فلمّا صارت هذه الأشياء بمنزلة الشّيء الواحد ؛ طلبوا لها التّخفيف ، وكان حذف المفعول أولى ؛ لأنّ المفعول فضلة ، بخلاف غيره من هذه الأشياء ؛ فكان حذفه أولى.
[علّة كون الصّلات جملا]
فإن قيل : فهل يجوز أن تكون الأسماء المفردة صلات؟ قيل : لا يجوز ذلك ؛ لأنّ أسماء الصّلات إنّما أدخلوها في الكلام توصّلا إلى الوصف بالجمل ، كما أتوا ب «ذي (٨)» توصّلا إلى الوصف بالأجناس ، وب «أيّ» توصّلا إلى نداء ما فيه الألف واللّام ، فكما لا يجوز إضافة «ذو» إلى غير الأجناس ولا يأتي بعد «أيّ» إلّا ما فيه الألف واللّام ؛ فكذلك ـ ههنا ـ لا يجوز أن تكون الصّلات إلّا جملا ، ولا يجوز أن تكون مفردة ؛ فأمّا قراءة من قرأ : (تَماماً عَلَى
__________________
(١) في (س) يحبّوا.
(٢) في (س) فجاؤوا.
(٣) في (س) ب «ذو» الذي.
(٤) سقطت من (س).
(٥) سقطت من (ط).
(٦) س : ٢٥ (الفرقان ، ن : ٤١ ، مك).
(٧) سقطت من (ط).
(٨) في (س) ذو.