وقال الرّاجز (١) : [الرّجز]
ليث وليث في مجال ضنك (٢)
أراد «ليثان» إلّا أنّه عدل إلى التّكرار في حالة الاضطرار ؛ لأنّه الأصل.
فإن قيل : ما الجمع؟ قيل : صيغة مبنيّة للدّلالة على العدد الزّائد على الاثنين ، والأصل فيه ـ أيضا ـ العطف كالتّثنية ، إلّا أنّهم لمّا عدلوا عن التّكرار في التّثنية طلبا للاختصار ، كان ذلك في الجمع أولى.
فإن قيل : فلم كان إعراب التّثنية والجمع بالحروف دون الحركات؟ قيل : لأنّ التّثنية والجمع فرع على المفرد ، (والإعراب بالحروف فرع على الحركات ، فكما أعرب المفرد) (٣) الذي هو الأصل بالحركات التي هي الأصل ، فكذلك ، أعرب التّثنية والجمع اللّذان هما فرع بالحروف التي هي فرع ، فأعطي الفرع الفرع ، كما أعطي الأصل الأصل ؛ وكانت الألف والواو والياء أولى من غيرها ؛ لأنّها أشبه الحروف بالحركات. فإن قيل : فلم خصّوا التّثنية في حال الرّفع بالألف ، والجمع السّالم بالواو ، وأشركوا بينهما في الجرّ والنّصب؟ قيل : إنّما خصّوا التّثنية بالألف ، والجمع بالواو ؛ لأنّ التّثنية أكثر من الجمع ؛ لأنّها تدخل على من يعقل ، وعلى ما لا يعقل ، وعلى الحيوان ، وعلى غير الحيوان من الجمادات والنّبات ، بخلاف الجمع السّالم ، فإنّه في الأصل لأولي العلم خاصّة ، فلمّا كانت التّثنية أكثر ، والجمع أقلّ ؛ جعلوا الأخفّ ، وهو الألف للأكثر ، والأثقل وهو الواو للأقلّ ؛ ليعادلوا بين التّثنية والجمع ؛ وإنّما أشركوا بينهما في النّصب والجرّ ؛ لأنّ التّثنية والجمع لهما ستّة أحوال وليس إلّا ثلاثة أحرف ، فوقعت الشّركة ضرورة.
__________________
(١) ينسب الشّاهد إلى واثلة بن الأسقع ، أو لجحدر بن مالك ، كما في خزانة الأدب ٧ / ٤٦١ ـ ٤٦٤.
(٢) المفردات الغريبة : اللّيث : الأسد. وعنى باللّيث الأوّل ـ هنا ـ نفسه ، وباللّيث الثّاني بطريقا من بطارقة الرّوم ؛ إذا كان الشّعر لواثلة.
موطن الشّاهد : «ليث وليث» وجه الاستشهاد : ترك التّثنية والعدول عنها إلى التّكرار ؛ كما في الشّاهدين السّابقين. وفي الشّاهد دليل على أنّ أصل المثنّى العطف بالواو.
(٣) سقط من (س) ما بين القوسين.