دخل عليه عامل النّصب ؛ لأنّ دخوله عليه ، لم يغيّر معنى الإخبار عنه ، ولوجب ألّا يدخل عليه مع بقائه ، فلمّا جاز ذلك ؛ دلّ على فساد ما ذهب إليه.
[علة ارتفاع المبتدأ عند الكوفيّين]
وأمّا الكوفيّون ، فذهبوا إلى أنّه يرتفع بالخبر (١) ، وزعموا أنّهما يترافعان ، وأنّ كلّ واحد منهما يرفع الآخر ، وقد بيّنّا فساده في «مسائل الخلاف بين البصريّين والكوفيّين».
[علّة جعل التّعرّي عاملا]
فإن قيل : فلم جعلتم التّعرّي عاملا ، وهو عبارة عن عدم العوامل؟ قيل : لأنّ العوامل اللّفظية ، ليست مؤثّرة في المعمول حقيقة ، وإنّما هي أمارات وعلامات فإذا ثبت أنّ العوامل في محلّ الإجماع إنّما هي أمارات وعلامات ؛ فالعلامة تكون بعدم الشّيء ، كما تكون بوجود شيء ، ألا ترى أنّه لو كان معك ثوبان ، وأردت أن تميّز أحدهما عن (٢) الآخر ؛ لكنت تصبغ أحدهما مثلا ، وتترك صبغ الآخر ، فيكون عدم الصّبغ في أحدهما كصبغ الآخر ؛ فتبيّن (٣) بهذا أنّ العلامة تكون بعدم شيء ، كما تكون بوجود شيء ، وإذا ثبت هذا ؛ جاز أن يكون التّعرّي من العوامل اللّفظية عاملا.
[اختصاص المبتدأ بالرّفع]
فإن قيل : فلم خصّ المبتدأ بالرّفع دون غيره؟ قيل : لثلاثة أوجه :
أحدها : أنّ المبتدأ وقع في أقوى أحواله ، وهو الابتداء ، فأعطي أقوى الحركات ، وهو الرّفع.
والوجه الثّاني : أنّ المبتدأ أوّل ، والرّفع أوّل ، فأعطي الأوّل الأوّل.
والوجه الثّالث : أنّ المبتدأ مخبر عنه ، كما أنّ الفاعل مخبر عنه ، والفاعل مرفوع ، فكذلك ما أشبهه.
فإن قيل : لماذا لا يكون المبتدأ في الأمر العام إلّا معرفة؟ قيل : لأنّ المبتدأ مخبر عنه ، والإخبار عمّا (٤) لا يعرف لا فائدة منه (٥).
__________________
(١) راجع : الإنصاف في مسائل الخلاف» ص ٢٥.
(٢) في (ط) على ، والصّواب ما أثبتنا من (س).
(٣) في (ط) فيتبيّن ؛ وكلاهما صحيح.
(٤) في (س) عمّن.
(٥) في (س) فيه.