[تقديم خبر المبتدأ عليه]
فإن قيل : فهل يجوز تقديم خبر المبتدأ عليه ؛ نحو : قائم زيد؟ قيل : اختلف النّحويّون فيه (١) ؛ فذهب البصريّون إلى أنّه جائز ، وذهب الكوفيّون إلى أنّه غير جائز ، وأنّه إذا تقدّم عليه الخبر ، يرتفع به ارتفاع الفاعل بفعله (٢) ، وقالوا : لو جوّزنا تقديم خبر المبتدأ عليه ؛ لأدّى ذلك إلى تقديم ضمير الاسم على ظاهره ، وذلك لا يجوز ، وهذا الذي ذهبوا إليه فاسد ، وذلك لأنّ اسم الفاعل أضعف من الفعل في العمل ؛ لأنّه فرع عليه ، فلا يعمل حتّى يعتمد ، ولم يوجد ـ ههنا ـ فوجب ألّا يعمل. وقولهم : إنّ هذا يؤدّي إلى تقديم ضمير الاسم على ظاهره فاسد ـ أيضا ـ لأنّه وإن كان مقدّما لفظا ، إلّا أنّه مؤخّر تقديرا ، وإذا كان مقدّما في اللّفظ ، مؤخّرا في التّقدير (٣) ، كان تقديمه جائزا ؛ قال الله تعالى : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)(٤) فالهاء في «نفسه» ضمير موسى ، وإن كان في اللّفظ مقدّما على موسى ، إلّا أنّه لمّا كان موسى مقدّما في التّقدير ؛ والضّمير في تقدير (٥) التّأخير ؛ كان ذلك جائزا ، فكذلك ههنا ، والذي يدلّ على / جواز / (٦) ذلك وقوع الإجماع على جواز ؛ ضرب غلامه زيد ؛ وهذا بيّن ؛ وكذلك اختلفوا في الظّرف إذا كان مقدّما على المبتدأ ؛ نحو : «عندك زيد» فذهب البصريّون إلى أنّه في موضع الخبر ، كما لو كان متأخّرا ، وذهب الكوفيّون إلى أنّ المبتدأ يرتفع بالظّرف (٧) ، ويخرج عن كونه مبتدأ ، ووافقهم على ذلك أبو الحسن الأخفش في أحد قوليه ؛ وفي هذه المسألة كلام طويل بيّنّاه في : «مسائل الخلاف بين البصريّين والكوفيّين» لا يليق ذكره (٨) بهذا المختصر.
__________________
(١) في (س) في ذلك.
(٢) والصّواب : يرتفع بالضّمير العائد إليه من الخبر «قائم» لا بالخبر.
(٣) في (ط) مقدّما في التّقدير ، مؤخّرا في اللّفظ ، وما أثبتناه من (س) وهو الصّواب.
(٤) س : ٢٠ (طه : ٦٧ ، مك).
(٥) في (ط) تقديم ، وما أثبتناه من (س) وهو الصّواب.
(٦) سقطت من (ط).
(٧) أي من غير اعتماد على الاستفهام ، أو النّفي ، ويكون إعراب الاسم في مثل قولنا : «في البستان ثمر» فاعلا للظّرف في مذهبهم.
(٨) في (ط) ذكرها ، والصّواب ما أثبتناه من (س).