أراد : بيع ، فقلب الياء واوا ، لسكونها ، وانضمام ما قبلها ، كما قلبوها في نحو : موسر ، وموقن ؛ والأصل : ميسر ، وميقن ؛ لأنّهما من اليسر واليقين ، إلّا أنّه لمّا وقعت الياء ساكنة مضموما ما قبلها ؛ قلبوها واوا ، فكذلك ههنا.
[الفعل اللّازم لا يبنى للمجهول]
فإن قيل : فهل يجوز أن يبنى الفعل اللّازم للمفعول به؟ قيل : لا يجوز ذلك على القول الصّحيح ، وقد زعم بعضهم أنّه يجوز ، وليس بصحيح ، إلّا أنّك (١) لو بنيت الفعل اللّازم للمفعول به ، لكنت تحذف الفاعل ، فيبقى الفعل غير مستند (٢) إلى شيء ، وذلك محال ، فإن اتّصل به ظرف الزّمان ، أو ظرف المكان ، أو المصدر ، أو الجارّ والمجرور ، جاز أن تبنيه عليه ، ولا يجوز أن تبنيه على الحال ؛ لأنّها لا تقع إلّا نكرة ، فلو أقيمت مقام الفاعل ؛ لجاز إضمارها (٣) كالفاعل ، فكانت تقع معرفة ، والحال لا تقع إلّا نكرة.
فإن قيل : فلم إذا أقيم الظّرف مقام الفاعل يخرج عن الظّرفيّة ، ويجعل مفعولا ؛ كزيد وعمرو وما أشبه ذلك؟ قيل : لأنّه يتضمّن معنى حرف الجرّ ، فلو لم ينقل ، لعلّقته بالفعل مع تضمّن حرف الجر ، فالفاعل لا يتضمّن حرف الجرّ ، فكذلك ما قام مقامه.
فإن قيل : فالمصدر لا يتضمّن حرف الجرّ ، فهل ينقل أو لا؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب بعضهم إلى أنّه لا ينقل ؛ لأنّه ليس بينه وبين الفعل واسطة ، وذهب آخرون إلى أنّه ينقل ، واستدلّوا على ذلك من وجهين :
أحدهما : أنّ الفعل لا بدّ له من الفاعل ، والمصدر لو لم يذكر ؛ لكان الفعل دالّا عليه بصيغته ، فصار وجوده وعدمه سواء ، والفاعل لا بدّ / له / (٤) منه ، فكذلك ما يقوم مقامه ينبغي أن يجعل بمنزلة المفعول الذي لا يستغنى بالفعل عنه.
والوجه الثّاني : أنّ المصدر إنّما يذكر تأكيدا للفعل ، ألا ترى أنّ قولك : «سرت سيرا» بمنزلة / قولك / (٥) : «سرت سرت» فكما لا يجوز أن يقوم الفعل مقام الفاعل ، فكذلك لا يجوز أن يقوم مقامه ما كان بمنزلته ؛ فلهذا ، وجب نقل المصدر.
__________________
(١) في (س) لأنّك ؛ وكلاهما صحيح.
(٢) في (س) مسند.
(٣) في (ط) إظهارها ؛ والصّواب ما أثبتناه من (س).
(٤) سقطت من (س).
(٥) سقطت من (س).