وحكي عن بعض العرب أنّه بشّر بمولودة ، فقيل : نعم المولودة مولودتك ؛ فقال : «والله ما هي بنعم المولودة ، نصرتها بكاء ، وبرّها سرقة» (١) وحكي عن بعض العرب أنّه قال : نعم السّير على بئس العير» فأدخلوا عليهما حرف الجرّ ؛ وحرف الجرّ يختصّ بالأسماء ؛ فدلّ على أنّهما اسمان.
والوجه الثّاني : أنّ العرب تقول : «يا نعم المولى و/ يا / (٢) نعم النّصير» فنداؤهم «نعم» يدلّ على أنّها اسم (٣) ؛ لأنّ النّداء من خصائص الأسماء.
والوجه الثّالث : أنّهم قالوا : الدّليل على أنّهما ليسا بفعلين ، أنّه لا يحسن اقتران الزّمان بهما كسائر الأفعال ، ألا ترى أنّه لا يحسن أن تقول : «نعم الرّجل أمس» ولا «بئس الرّجل غدا» فلمّا لم يحسن اقتران الزّمن بهما ؛ دلّ على أنّهما ليسا بفعلين.
والوجه الرّابع : أنّهما لا يتصرّفان ، ولو كانا فعلين ؛ لكانا يتصرّفان ؛ لأنّ التّصرّف من خصائص الأفعال ، فلمّا لم يتصرفا ؛ دلّ على أنّهما ليسا بفعلين.
والوجه الخامس : أنّه قد جاء عن العرب ، أنّهم قالوا : نعيم الرّجل زيد ، وليس في أمثلة الأفعال شيء على وزن : فعيل ؛ فدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه ؛ وهو مذهب البصريّين (٤) ، وأمّا ما استدلّ به الكوفيّون ففاسد ؛ أمّا قولهم : إنّهما اسمان لدخول حرف الجرّ عليهما ، فقلنا (٥) : هذا فاسد ؛ لأنّ حرف الجرّ إنّما دخل عليهما على تقدير الحكاية ، فلا يدلّ على أنّهما اسمان ؛ لأنّ حروف الجرّ قد تدخل على تقدير الحكاية على ما هو فعل في
__________________
(١) مثل حكاه ابن الأنباريّ ، عن أبي العبّاس ، أحمد بن يحيى «ثعلب» عن سلمة ، عن الفرّاء ، عن أحد العرب. وقد أورده ابن الأنباري في «الإنصاف» ١ / ٩٨ ـ ٩٩.
موطن الشّاهد : (بنعم).
وجه الاستشهاد : احتجاج الكوفيّين بهذا المثل على اسميّة «نعم» بدليل دخول الباء الجارّة عليها ، كما في الشّاهد السّابق.
(٢) سقطت من (ط).
(٣) في (ط) اسمان ؛ والصّواب ما أثبتنا من (س).
(٤) في (س) والصّحيح ما ذهب إليه البصريّون.
(٥) في (س) قلنا.