الحقيقة ؛ كقوله (١) : [الرّجز]
والله ما ليلي بنام صاحبه |
|
[ولا مخالط اللّيان جانبه](٢) |
ولا خلاف أنّ «نام» فعل ماض ، ولا يجوز أن يقال : إنّما هو اسم لدخول حرف الجرّ عليه ، فكذلك ـ ههنا ـ ولو لا تقدير الحكاية ، لم يحسن دخول حرف الجرّ على : نعم ، وبئس ، ونام ؛ والتّقدير في قوله : «ألست بنعم الجار يؤلف بيته» : «ألست بجار مقول فيه : نعم الجار» وكذلك التّقدير في قول بعض العرب : «والله ما هي بنعم المولودة : والله ما هي بمولودة ، فيقال : فيها : «نعم المولودة» وكذلك التّقدير في قول الآخر : «نعم السير على عير (٣) مقول فيه بئس العير» وكذلك التّقدير في قول الشّاعر :
والله ما ليلي بنام صاحبه
«والله ما ليلي بليل مقول فيه نام صاحبه» إلّا أنّهم حذفوا الموصوف ، وأقاموا الصّفة مقامه ؛ كقوله سبحانه وتعالى : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ)(٤) أي : دروعا سابغات ؛ فصار التّقدير فيه : «ألست بمقول فيه : نعم الجار ، وما هي بمقول فيها : نعم المولودة ؛ ونعم السّير على مقول فيه بئس العير ، وما ليلي بمقول فيه (٥) : نام صاحبه» ثم حذفوا الصّفة التي هي : مقول فيه ، فأوقعوا المحكي بها
__________________
(١) القائل : أبو خالد القنائيّ ، أو غيره على الأرجح.
(٢) المفردات الغريبة : اللّيّان واللّين : السّهولة والرّخاء في العيش.
موطن الشّاهد (بنام).
وجه الاستشهاد : دخول حرف الجرّ على الفعل الماضي لفظا ؛ ومعلوم أنّ حرف الجرّ ، لا يدخل في اللّفظ والتّقدير على الأفعال ؛ لأنّه من اختصاص الأسماء ، غير أنّ النّحاة ، علّلوا دخول الباء ـ هنا ـ بأنّها داخلة على اسم محذوف ؛ ودخول حرف الجرّ على الكلمة ـ إذا ـ لا يدلّ على أنّها خرجت من الفعليّة إلى الاسميّة. وروى البصريّون هذا البيت ؛ ليردّوا على الكوفيّين القائلين : إنّ «نعم» اسم بدليل دخول حرف الجرّ عليها ؛ لأنّه يلزم من دخول حرف الجرّ في اللّفظ على كلمة ما أن تكون اسما ؛ لأنّ التّقدير ـ هنا ـ أنّ حرف الجرّ داخل على كلمة أخرى محذوفة من اللّفظ ـ كما في هذا البيت ـ ومن هنا ندرك أنّ دخول الباء في قولهم : «بنعم الولد ، وعلى بئس العير» غير دالّ على اسميّة نعم وبئس.
(٣) في (ط) بئس العير ؛ والصّواب ما أثبتناه من (س) لموافقة السّياق.
(٤) س : ٣٤ (سبأ ، ن : ١١ ، مك).
(٥) في (ط) فيها ؛ والصّواب ما أثبتنا.