رجعتَ عليه بالثمن ؛ وهُمَا في المعنى واحدٌ. قال : وبعضُهم يقول النَّقْدُ عندَ الحَافِرِ ، يريد عند حَافِرِ الفَرَسِ ، وكَأَنَّ هذا المَثَل جَرَى في الخيْلِ. قال : وقالَ بعضُهم : الحافِرَةُ الأَرْضُ الَّتِي تُحْفَرُ فيها قُبُورُهم ، فسمَّاهَا الْحَافِرَةَ ، والمعْنَى يريدُ المحْفُورَةَ ، كما قال (ماءٍ دافِقٍ) [الطّارق : ٦] يريد مَدْفُوق. وأخبرني المُنْذريُّ عن أبي العَبَّاس أنه قَال : هَذِه كلمَةٌ كانُوا يَتَكَلَّمُون بها عند السَّبْق. قال والحَافِرَةُ : الأرضُ المَحْفُورَةُ ، يَقُول : أقل ما يَقَعُ حَافِرُ الفَرَسِ على الْحَافِرَةِ فقد وَجَبَ النقْدُ ، يعني في الرِّهَانِ ، أي كَمَا يَسْبِقُ فيَقَعُ حَافِرُه عَلَيْها تقول هَاتِ النَّقْدَ : وقال الليثُ : النقْدُ عِنْدَ الحَافِرِ معناه إذا اشتريْتَه لم تَبْرَح حَتَّى تَنْقُد. الحرَّانِيّ عن ابن السِّكِّيتِ أنه قال : مَعْنَى النَّقْدُ عند الْحَافِرَة أَيْ عِنْد أَوَّلِ كَلِمَةٍ. ويُقَال : الْتَقَى القَوْمُ فاقْتَتَلُوا عِنْدَ الْحَافِرَة أَيْ عِنْدَ أَوَّلِ كَلِمَةٍ وعِنْدَ أَوَّلِ مَا الْتَقُوا ، قال الله جَلّ وَعَزّ (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) أَيْ فِي أوَّلِ أَمْرِنَا. قال : وَأَنْشَدَنِي ابنُ الأعرابيّ :
أَحَافِرَةً عَلَى صَلَعٍ وَشَيْبٍ |
مَعَاذَ الله مِنْ سَفَهٍ وَعَارِ |
كأنه قال أأرجع في صِبَايَ وَأَمْرِي الأوَّلِ بعد أن صَلِعْتُ وشِبْتُ. وقال الليثُ : الحافِرَةُ العَوْدَةُ في الشَّيْءِ حتَّى يُرَدَّ آخِرُه عَلَى أَوَّلِه. قَالَ : وفِي الحَدِيثِ «إِنَّ هَذَا الأَمْرَ لا يُتْرَكُ عَلَى حَالِه حَتَّى يُرَدَّ عَلَى حَافِرَةُ العَودَةُ في الشَّيءِ حتَّى يُرَدَّ آخِرُه عَلَى أَوَّلِه. قَالَ : وفِي الحَدِيثِ «إِنَّ هَذَا الأَمْرَ لا يُتْرَكُ عَلَى حَالِه حَتَّى يُرَدَّ عَلَى حَافِرَتِه أَيْ عَلَى أَوَّلِ تَأسِيسِه ، وقَالَ في قَوله : (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) أي في الخَلْقِ الأَوَّل بَعْدَ ما نَمُوتُ. وقال ابنُ الأَعْرَابيّ (فِي الْحافِرَةِ) أيْ فِي الدُّنْيَا كَما كُنَّا.
وقال اللَّيْثُ الحَفْرُ والحَفَرُ جَزْمٌ وفَتْحٌ لُغَتَانِ : وهو ما يَلْزَق بالأسْنَانِ من ظَاهرٍ وباطنٍ ، تقول : حَفِرَتْ أسنانهُ حفَراً ، ولغةٌ أخرى حفَرت أسنانُه تَحفِر حَفْراً. وأخْبرَني أبُو بكرٍ عن شمر أنَّهُ سُئِل عن الحَفْر في الأسْنان ، فقال : هُوَ أن يَحفِرَ القَلَحُ أُصُولَ الأسنان بَيْنَ اللثة وأَصْلِ السِّنّ من ظَاهِرٍ وبَاطِنٍ يُلِحُّ على العَظْم حتى يَتَقَشَّر العظْمُ إن لم يُدْرَكْ سريعاً ، يُقَال أَخَذَ فِيه حَفْرٌ وحَفَرَةٌ. أبو عبيد : عن الكسائي قال : الحفْر بتسكين وقد حفر فُوَه يحفِر حَفراً.
وقال الليث الحِفْرَاةُ نباتٌ من نباتِ الرَّبِيع ، قال ونَاسٌ من أَهْلِ اليمنِ يُسَمُّون الخَشَبَةَ ذاتَ الأصَابع التي يُذُرَّى الكُدْس المَدُوسُ وَيُنَقَّى بها البُرُّ مِن التِّبْن بِحفْرَاةَ. ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ : أحفَرَ الرجلُ إذا رَعَى إِبِلَه الحِفْرَى ، وهو نَبْتٌ ، قلتُ وَهُو مِن أَرْدَإِ المَرَاعي ، قال : وَأحفَرَ إِذَا عَمِل بالحِفْرَاةِ وهي الرَّقْش الذي تُذَرَّى به الحنطةُ ، وهي الخَشَبَةُ المُصْمَتَة الرأس ، فأما المُفَرَّجُ فهو العَضْمُ بالضَّاد والمِعْزَقَةُ ، قال : والمِعْزَقَةُ في غير هذا : المَرُّ ، قَال والرقْشُ في غير هذا : الأكلُ الكثيرُ.
وقال أبو حاتمٍ : يقال حَافَرَ اليربوعُ مُحَافرةً ، وفلان أَرْوَغُ من يَرْبُوع : مُحَافِرٍ ، وذلك أن يَحْفِر في لُغزٍ من ألغَازِه فيذهبَ سُفْلاً ويحفِرَ الإنسانُ حتى يُعْيَى فلا يَقْدِر عليه ويُشَبَّه عليه الجُحْرُ فلا يعرفه من غيره