دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبو حنيفة ، فسألوه من حاله ، فذكر ضعفا شديدا ، وذكر ما يتخوّف من خطيئاته ، وأدركته رقّة فبكى.
فأقبل أبو حنيفة ، فقال : يا أبا محمّد ، اتّق الله وانظر لنفسك ، فإنّك في آخر يوم من الدنيا وأوّل يوم من أيّام الآخرة ، وقد كنت تحدّث في علي بن أبي طالب عليهالسلام بأحاديث لو رجعت عنها كان خيرا لك.
قال الأعمش : مثل ما ذا يا نعمان؟ قال : مثل حديث عباية (أنا قسيم النار) ، قال : أو لمثلى تقول يا يهودي ، أقعدوني ، سنّدوني ، حدّثني والذي مصيري إليه ، موسى بن طريف ، ولم أر أسديّا كان خيرا منه ، قال : سمعت عباية بن ربعي إمام الحيّ قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : أنا قسيم النار أقول : هذا وليّي دعيه ، وهذا عدوّي خذيه» ج ٤ ص ٤٩٣.
يقول العاجز المهدوي : لا يخفى أن الظاهر في خطاب الأعمش أبا حنيفة باسمه (نعمان) دون كنيته أوّلا ، وباليهودي ثانيا ، ضرب من المجاز والتوسّع أو التهكّم والتعنّت ، فشبّه أبا حنيفة في تمسّكه بالقياس وافتائه بالحيل والرخص ، باليهود وأقام المشبّه به مقام المشبّه في الخطاب ، فتأمّل.
«... وكان الأعمش رأسا في القرآن ، عسرا ، سيّئ الخلق ، عالما بالفرائض ، وكان لا يلحن حرفا ، وكان فيه تشيّع ، ويقال : إنّ الأعمش ولد يوم قتل الحسين عليهالسلام وذلك يوم عاشوراء سنة ٦١ ، وقيل : ولد قبل مقتل الحسين عليهالسلام بسنتين ومات سنة ١٤٥ ، وقال : ما سمعت من أنس (بن مالك) إلاّ حديثا واحدا سمعته يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : طلب العلم فريضة على كلّ مسلم» تهذيب التهذيب ج ٤ ص ٢٣٤.
وفي تاريخ بغداد بإسناده ، قال ... نا ... قال : سمعت علي بن المديني يقول :