الإنسان يسمع في هذه المواقع صوت وساوس الشيطان بآذان قلبه ، ويرى آثار قدمه بأمّ عينيه.
وقد روي ـ في هذا الصعيد ـ حديث رائع عن الإمام الباقر عليهالسلام إذ يقول : «لما دعا نوح ربّه عزوجل على قومه أتاه إبليس لعنة الله فقال : يا نوح إنّ لك عندي يدا! أريد أن أكافئك عليها.
فقال نوح : إنّه ليبغض إليّ أن يكون لك عندي يد ، فما هي؟
قال : بلى دعوت الله على قومك فأغرقتهم ، فلم يبق أحد أغويه ، فأنا مستريح حتى ينشأ قرن آخر وأغويهم.
فقال نوح : ما الذي تريد أن تكافيني به؟
قال : أذكرني في ثلاثة مواطن ، فإنّي أقرب ما أكون إلى العبد إذا كان في أحدهن :
أذكرني إذا غضبت؟
واذكرني إذا حكمت بين اثنين!
واذكرني إذا كنت مع امرأة خاليا ليس معكما أحد!» (١).
النقطة الأخرى التي يجب الانتباه إليها هنا ، هي أنّ ثلّة من المفسّرين استنبطوا من هذه الآية أنّ الشيطان غير قابل للرؤية للإنسان مطلقا ، في حين يستفاد من بعض الرّوايات أنّ هذا الأمر ممكن أحيانا.
ولكن الظاهر أنّ هذين الاتجاهين غير متعارضين ، لأنّ القاعدة الأولية والأصلية هي أن لا يرى ، ولكن لهذه القاعدة ـ كغيرها ـ استثناءات ، فلا تناف.
في الآية التالية يشير تعالى إلى واحدة من وساوس الشيطان المهمّة والتي
__________________
(١) بحار الأنوار ، الطبعة الجديدة ، الجزء ١١ ، الصفحة ٣١٨.