بينما نهي عن التشاؤم بشدّة ، ففي حديث معروف مروي عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «تفاءلوا بالخير تجدوه» وقد شوهد في أحوال النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم الهداة عليهمالسلام ـ أنفسهم ـ أنّهم ربّما تفاءلوا بأشياء ، مثلا عند ما كان المسلمون في «الحديبية» وقد منعهم الكفار من الدخول إلى مكّة جاءهم «سهيل بن عمرو» مندوب من قريش ، فلمّا علم النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم باسمه قال متفائلا باسمه : «قد سهل عليكم أمركم» (١).
وقد أشار العالم المعروف «الدميري» وهو من كتّاب القرن الثامن الهجري ، في إحدى كتاباته إلى نفس هذا الموضوع ، وقال : إنّما أحب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الفأل لأنّ الإنسان إذا أمل فضل الله كان على خير ، وإن قطع رجاءه من الله كان على شر ، والطيرة فيها سوء ظن وتوقع للبلاء (٢).
ولكن في مجال التشاؤم الذي يسمّيه العرب «التطير» و «الطيرة» ورد في الأحاديث الإسلامية ـ كما أسلفنا ـ ذم شديد ، كما أشير إليه في القرآن الكريم مرارا وتكرارا أيضا ، وشجب بشدّة (٣).
ومن جملة ذلك ما روي عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «الطيرة شرك» (٤) وذلك لأن من يعتقد بالطيرة كأنّه يشركها في مصير الإنسان.
وتشير بعض الأحاديث أنّه إذا كان للطيرة أثر سيء فهو الأثر النفسي ، قال الإمام الصادق عليهالسلام : «الطيرة على ما تجعلها ، إن هونتها تهونت ، وإن شددتها تشدّدت ، وإن لم تجعلها شيئا لم تكن شيئا» (٥)
وورد أنّ طريقة مكافحة الطيرة تتمثل في عدم الاعتناء بها ، فقد روي عن النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «ثلاث لا يسلّم منها أحد : الطيرة والحسد والظن. قيل : فما
__________________
(١) الميزان ، المجلد ١٩ ، الصحفة ٨٦.
(٢) سفينة البحار ، المجلد الثاني ، الصفحة ١٠٢.
(٣) مثل سورة «يس» الآية (١٩) ، وسورة النمل الآية (٤٧) ، والآية المطروحة على بساط البحث هنا.
(٤) الميزان في ذيل الآية المبحوثة هنا.
(٥) الميزان ، في ذيل الآية المبحوثة هنا.