القراءة والكتابة والقائم من بين الناس (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِ).
النّبي الذي لا يكتفي بدعوة الآخرين إلى هذه الحقائق فحسب ، بل يؤمن هو في الدرجة الأولى ـ بما يقول ، يعني الإيمان بالله وكلماته (الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ).
إنّه لا يؤمن فقط بالآيات التي نزلت عليه ، بل يؤمن بجميع الكتب الحقيقة للأنبياء السابقين.
إنّ إيمانه بدينه والذي يتجلى من خلال أعماله وتصرّفاته دليل واضح على حقانيته ، لأن عمل الآمر بشيء يعكس مدى إيمانه بما يأمر به ويدعو إليه. وإيمانه بقوله أحد الأدلة على صدقه. إنّ تأريخ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم برمّته يشهد بهذه الحقيقة وهي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان أكثر من غيره التزاما بالتعاليم التي جاء بها.
أجل ، لا بدّ لكم من اتّباع مثل هذا النّبي حتى تسطع أنوار الهداية على قلوبكم ، لتهتدوا إلى طريق السعادة (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
وهذا إشارة إلى أنّه لا يكفي مجرّد الإيمان ، وإنما يفيد الإيمان إذا اقترن بالاتباع العمليّ.
والجدير بالالتفات إلى أن الآية الحاضرة نزلت في مكّة يوم كان المسلمون يشكلون أقلية صغيرة جدّا بحيث إنّه قلّما كان هناك من يحتمل أن يسيطر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على مكّة فضلا عن جزيرة العرب ، أو قسم كبير من العالم.
وعلى هذا الأساس ، فإنّ الذين يتصورون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ادعى في البداية تبليغ الرسالة لأهل مكّة فقط ، وعند ما انتشر دينه وعلا أمره فكر في السيطرة على الحجاز ، ثمّ فكر في البلاد الأخرى ، وراسل ملوك العالم وأمراءه وقادته ، وأعلن عن رسالته العالمية. تجيب الآية الحاضرة التي نزلت في مكّة على كل تصوراتهم هذه ، فهي تصرح في غير إبهام ولا غموض بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أعلن عن دعوته العالمية منذ البداية.
* * *