هذا مضافا إلى أنّه لا معنى للإجبار في مجال الإعتقاد ، أمّا في مجال العمل فلا مانع من أن يجبر الناس على أمور تربوية تضمن خيرهم وسعادتهم وصلاحهم. فهل من العيب لو أنّنا أجبرنا شخصا على ترك عادة شريرة ، أو سلوك طريق آمن من الخطر ، وعدم سلوك طريق محفوف بالأخطار؟
السّؤال الثّاني : كيف رفع الجبل فوق رؤوسهم :
الجواب : ذهب بعض المفسّرين إلى أن الجبل قلع من مكانه بأمر الله ، واستقر فو رؤوسهم كمظلّة.
وذهب آخرون إلى أنّه اهتز الجبل اهتزازا شديدا بفعل زلزال شديد بحيث شاهد الناس الذين كانوا يسكنون في سفح الجبل ظلّ قسم منه فوق رؤوسهم.
ويحتمل أيضا أن قطعة من الجبل انتزعت من مكانها واستقرت فوق رؤوسهم لحظة واحدة ، ثمّ مرّت وسقطت في جانب آخر.
ولا شك في أنّ هذا الأمر كان أمرا خارقا للعادة وليس حدثا طبيعيا عاديا.
والموضوع الآخر الذي يجب الانتباه إليه هو أنّ القرآن لا يقول : إنّ الجبل صار مظلّة فوق رؤوسهم بل قال : (كأنّه ظلّة).
وهذا التعبير إنّما هو لأجل أنّ المظلّة تنصب على رؤوس الأشخاص لإظهار الحب ، والحال أنّ هذه العملية ـ المذكورة في الآية الحاضرة ـ كانت من باب التهديد ، أو لأجل أنّ المظلة شيء مستقر وثابت ، ولكن رفع الجبل فوق رؤوسهم كان يتسم بعدم الثبات والدوام.
قلنا : مع هذه الآية تختم الآيات المتعلقة بقصة بني إسرائيل والحوادث المختلفة ، والذكريات الحلوة والمرّة التي وقعت في حياتهم.
وهذه القصّة هي آخر قصص الأنبياء التي جاءت في هذه السورة. وذكر هذه القصّة في نهاية قصصهم ـ مع أنّها ليست آخر حدث من الحوادث المرتبطة بهذه