ومثل هذه التعابير غير قليلة في أحاديثنا اليوميّة ، إذ نقول مثلا : لون الوجه يخبر عن سره الباطني «سيماهم في وجوهم» ، أو نقول : إنّ عيني فلان المجهدتين تنبئان أنّه لم ينم الليلة الماضية.
وقد روي عن بعض أدباء العرب وخطبائهم أنّه قال في بعض كلامه : سل الأرض من شق أنهارك وغرس أشجارك وأينع ثمارك؟ فإنّ لم تجبك حوارا أجابتك اعتبارا! ... كما ورد في القرآن الكريم التعبير على لسان الحال ، كالآية (١١) من سورة فصلت ، إذ جاء فيها (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ).
هذا باختصار هو خلاصة الرأيين أو النظرتين المعروفتين في تفسير الآيات آنفة الذكر ... لّا أنّ التّفسير الأوّل فيه بعض الإشكالات ، ونعرضها في ما يلي :
١ ـ ورد التعبير في نصّ الآيات المتقدمة عن خروج الذريّة من بني آدم من ظهورهم ، إذ قال تعالى (... مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) مع أنّ التّفسير الأوّل يتكلم عن آدم نفسه أو عن طينة آدم.
٢ ـ إذا كان هذا العهد قد أخذ عن وعي ذاتي وعن عقل وشعور ، فكيف نسيه الجميع؟! ولا يتذكر أحد مع أنّ الفاصلة الزمانية بين زماننا ليست بأبعد مدى من الفاصلة بين هذا العالم والعالم الآخر «أو القيامة»؟ ونحن نقرأ في آيات عديدة من القرآن الكريم أنّ الناس سواء كانوا من أهل الجنّة أو من أهل النّار لا ينسون أعمالهم الدنيوية في يوم القيامة ، ويتذكرون ما اكتسبوه بصورة جيدة ، فلا يمكن أن يوجّه هذا النسيان العمومي في شأن عالم الذر أبدا «ولا مجال لتأويله!».
٣ ـ أيّ هدف كان من وراء مثل هذا العهد؟! فإذا كان الهدف أن يسير المعاهدون ، في طريق الحق عند تذكرهم مثل هذا العهد ، وألّا يسلكوا إلّا طريق معرفة الله ، فينبغي القول بأنّ مثل هذا الهدف لا يتحقق أبدا وبأي وجه كان ، لأنّ