أعداء موسى عليهالسلام (١).
إلّا أننا نستبعد ما يحتمله بعضهم من أن المقصود هو (أمية بن الصلت) الشاعر المعروف في زمان الجاهلية ، الذي كان بادئ أمره ونتيجة لاطلاعه على الكتب السماوية ينتظر نبي آخر الزمان ، ثمّ حصل له هاجس أن النّبي قد يكون هو نفسه ، ولذلك بعد أن بعث النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أصابه الحسد له وعاداه.
وبعيد كذلك ما احتمله بعضهم من أنّه كان (أبا عامر) الراهب المعروف في الجاهلية ، الذي كان يبشر الناس بظهور رسول الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم لكنّه بعد ظهوره صار من أعدائه. لأنّ جملة (واتل) وكلمة (نبأ) وجملة (فاقصص القصص) تدل على أنّ تلك الأمور لا تتعلق بأشخاص عاصروا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. بل بأقوام سابقين ، مضافا إلى تلك فإنّ سورة الأعراف من السور المكية وقضيتا [أبي عامر الراهب] و [أمية بن الصلت] تتعلقان بحوادث المدينة.
ولكن بما أن أشخاصا على غرار «بلعم» كانوا موجودين في عصر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ك (أبي عامر) و (أمية بن الصلت) فإنّ الآيات محل البحث تنطبق على هذه الموارد في كل عصر وزمان ، وإلّا فإنّ مورد القصّة هو «بلعم بن باعوراء» لا غير.
وقد نقل تفسير (المنار) عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن مثل بلعم بن باعوراء في بني إسرائيل كأمية بن أبي الصلت في هذه الأمّة.
وورد عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : «الأصل من ذلك بلعم ، ثمّ ضربه الله مثلا لكل مؤثر هواه على هوى الله من أهل القبلة».
ومن هذا يتبيّن أن الخطر الأكيد الذي يهدد المجتمعات الإنسانية هو خطر المثقفين والعلماء الذين يسخّرون معارفهم للفراعنة والجبارين لأجل أهوائهم
__________________
(١) في التوراة الحالية نجد ورود قضية «بلعم بن باعوراء» أيضا ، إلّا أنّ التوراة تبرئه في النهاية من الانحراف ، يراجع بذلك سفر الأعداد الباب ٢٢.