فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) (١).
ثمّ يضيف قائلا : (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ).
[والآصال : جمع الأصيل ، ومعناه قبيل المغرب أو عند الغروب].
(وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ).
فذكر الله في كل حال وفي كل وقت ، صباحا ومساء ، مدعاة لإيقاظ القلوب وجلائها من الدرن ، وإبعاد الغفلة عن الإنسان. ومثله مثل مزنة الربيع ، إذا نزلت أمرعت القلوب بأزهار التوجه والإحساس بالمسؤولية والبصيرة ، وكل عمل إيجابي بنّاء! ... ثمّ تختتم هذه الآية سورة الأعراف بهذه العبارة ، وهي أنّكم لستم المكلّفون بذكر الله من يذكر الله ليس هو أنتم فحسب ، بل (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ).
والتعبير ب (عِنْدَ رَبِّكَ) لا يعني القرب المكاني ، لأنّ الله ليس له مكان خاص ، بل هو إشارة إلى القرب المقامي ، أي أنّ الملائكة وغيرهم من المقربين على رغم مقامهم ومنزلتهم عند الله ، فهم لا يقصرون في التسبيح والذكر لله والسجود له.
والسجدة عند تلاوة هذه الآية مستحبة ، إلّا أنّ بعض أهل السنة كأصحاب أبي حنيفة وأتباعه يقولون بوجوبها.
ربّنا نور قلوبنا بنور ذكرك ، ذلك النور الذي يفتح لنا طريقنا نحو الحقيقة ، ونستمد منه المدد في نصرة راية الحق ومكافحة الظالمين وأن تدرك مسئولينا ونؤدي رسالتنا ـ آمين.
* * *
__________________
(١) التضرّع مأخوذ من الضرع وهو الثدي ، والفعل تضرع يطلق على من يتحلب اللبن بأصابعه ، ثمّ توسع في هذا الاستعمال فأطلق على إظهار الخضوع والتواضع.