وخارجي ... فالثلاث الأولى عبارة عن «الإحساس بالمسؤولية» و «الإيمان» و «التوكل».
والاثنتان الأخريان هما الارتباط بالله ، والارتباط بخلق الله سبحانه.
فتقول الآيات أوّلا : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ).
و «الوجل» حالة الخوف التي تنتاب الإنسان ، وهو ناشئ عن أحد أمرين : فقد ينشأ عند إدراك المسؤولية واحتمال عدم القيام بالوظائف اللازمة التي ينبغي على الإنسان أداؤها بأكمل وجه امتثالا لأمر الله تعالى.
وقد ينشأ عند إدراك عظمة مقام الله ، والتوجه إلى وجوده المطلق الذي لا نهاية له ، ومهابته التي لا حدّ لها.
وتوضيح ذلك : قد يتفق للإنسان أن يمضي لرؤية شخص عظيم هو ـ بحق ـ جدير بالعظمة من جميع الجوانب ، فالإنسان الذي يمضي لرؤيته قد يقع تحت تأثير ذلك المقام وتلك العظمة ، بحيث يحس بنوع من الرهبة في داخله ويضطرب قلبه حتى أنّه لو أراد الكلام لتعلثم ، وقد ينسى ما أراد أن يقوله ، حتى لو كان ذلك الشخص يحب هذا الإنسان ويحب الآخرين جميعا ولم يصدر عنه ما يدعو إلى القلق.
فهذا الخوف والاضطراب أو المهابة مصدرها عظمة ذلك الشخص ، يقول القرآن الكريم في هذا الصدد : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) (١).
كما نقرأ في آية أخرى من قوله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (٢).
وهكذا فإن العلاقة قائمة بين العلم والخوف أيضا ، وبناء على ذلك فمن
__________________
(١) الحشر ، ٢١.
(٢) فاطر ، ٢٨.