المشكلة الأخرى التي كان أصحاب النّبي يواجهونها ، هي أن أرض بدر كانت غير صالحة للنزال لما فيها من الرمال ، فنزل المطر تلك الليلة ، فأفاد منه أصحاب النّبي فاغتسلوا منه وتوضأوا وأصبحت الأرض صلبة صالحة للنزال ، العجيب في ذلك أنّ المطر كان في جهة العدوّ شديدا بحيث أربكهم وأزعجهم.
والخبر الجديد الذي حصل عليه أصحاب النّبي من جواسيسهم الذين تحسسوا ليلا حالة العدو أنّ جيش قريش مع كل تلك الإمكانات العسكرية في حالة من الرعب بمكانة لا توصف ، فكأنّ الله أنزل عليها جيشا من الرعب والوحشة.
وعند الصباح اصطفّ جيش المسلمين الصغير بمعنويات عالية ليواجهوا عدوّهم ، ولكن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إتماما للحجّة ولئلا يبقى مجال للتذرع بالذرائع الواهية ـ أرسل إلى قريش ممثلا عنه ليقول لهم : إنّ النّبي لا يرغب في قتالكم لا يحبّ أن تكونوا أوّل جماعة تحاربه. فوافق بعض قادة قريش على هذا الاقتراح ورغبوا في الصلح ، إلّا أنّ أبا جهل امتنع وأبى بشدّة.
وأخيرا اشتعلت نار الحرب ، فالتقى أبطال الإسلام بجيش الشرك والكفر ، ووقف حمزة عمّ النّبي وعلي ابن عمّ النّبي الذي كان أصغر المقاتلين سنّا وجها لوجه مع صناديد قريش وقتلوا من بارزهم فانهار ما تبقى من معنويات العدوّ ، فأصدر أبو جهل أمرا عاما بالحملة ، وكان قد أمر بقتل أصحاب النّبي من أهل المدينة «الأنصار» وأن يؤسر المهاجرون من أهل مكّة. فقال النّبي لأصحابه : «غضّوا أبصاركم وعضو على نواجذ ولا تستلوا سيفا حتى آذان لكم».
ثمّ مدّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يديه إلى الدعاء ، ورفع بهما نحو السماء فقال : «يا ربّ إن تهلك هذه العصابة لم تعبد وإن شئت أن لا تعبد لا تعبد ...»
فهبت ريح عاصف الى العدوّ ، وكان المسلمون يحملون على عدوّهم والرياح تهب من خلفهم بوجه العدوّ ، وأثبت المسلمون جدارة فائقة وصمدوا