وأرجعته القهقرى بسبب نسيانه السنن والقوانين الإلهية.
فنظرة قصيرة إلى مجتمعنا الإسلامي في زماننا الحاضر والانكسارات التي أصابته أمام أعدائه ، والفتن الكثيرة ، كالاستعمار والصهيونية ، والإلحاد والمادية ، والفساد الخلقي وتشتت العوائل وسقوط شبابه في وديان الفساد ، والتخلف العلمي ، كل ذلك يجسد مضمون الآية ، وكيف أنّ تلك الفتن أصابت كل صغير وكبير ، وكل عالم وجاهل ، وسيستمر كل ذلك حتى اليوم الذي تتحرك فيه الروح الاجتماعية للمسلمين ، ويهتم الجميع بصلاح المجتمع ولا يتخلفوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويأخذ القرآن الكريم مرّة أخرى بأيدي المسلمين ليعيدهم نحو تاريخهم ، فكم كانوا في بداية الأمر ضعفاء وكيف صاروا لعلهم يدركون الدرس البليغ الذي علّمهم إيّاه في الآيات السابقة فيقول : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ).
وهذه عبارة لطيفة تشير إلى الضعف وقلّة العدد التي كان عليها المسلمون في ذلك الزمن ، وكأنّهم كانوا شيئا صغيرا معلقا في الهواء بحيث يمكن للأعداء أخذه متى أردوا ، وهي إشارة لحال المسلمين في مكّة قبل الهجرة قبال المشركين الأقوياء. أو إشارة لحال المسلمين في المدينة بعد الهجرة في مقابل القوى الكبرى كالفرس والروم : (فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
* * *