لو قبلتم فسوف تقتلون فلا ترضوا بهذا العرض ، فهبط أمين الوحي جبرائيل عليهالسلام إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره بذلك.
يقول أبو لبابة : فو الله ما زالت قدماي حتى عرفت إنّي خنت الله ورسوله ، وعند ذاك نزلت هذه الآيات في أبي لبابة. وقد عاد أبو لبابة معلنا ندمه الشديد وأتى بحبل وربط نفسه به إلى أحد أعمدة مسجد النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقال : والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى يموت أو يقبل الله توبته. واستمر على هذه الحال دون أكل وشرب إلى سبعة أيّام ، حتى فقد وعيه وسقط على الأرض مغشيا عليه ، فقبل الله توبته ، وقام المؤمنون بإبلاغة الخبر ، لكنّه أقسم أن لا يفكّ نفسه من العمد حتى يأتيه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويفك عنه الحبل ، فجاءه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وفكّ حبله ، وقال (أبو لبابة) : إنّ من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها بالذنب وأن انخلع من مالي ، فقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم له : «يجزيك الثلث أن تصدّق به»(١).
وقد جاء هذا المضمون نفسه في كتب أهل السنة حول سبب النّزول ، إلّا أنّ بعضهم استبعد النّزول في شأن (بني قريضة) ، لأنّ سابقاتها من الآيات تتعلق بحادثة بدر ، ولأنّ هذه القضية لم تقع إلّا بعد مدّة طويلة من واقعة بدر ، لهذا قالوا : إنّ المقصود في الرّوايات هو أنّ حادثة بني قريضة من مصاديق الآية ، لا أنّها نزلت فيها ، وإنّ هذه العبارة يوردها الكثيرون في أسباب النّزول. فعلى سبيل المثال فقد جاء في بعض الكتب نقلا عن بعض الصحابة أنّ الآية الفلانية قد نزلت في قتل عثمان ، غير أنّ من المعلوم أنّ قتل عثمان حدث بعد سنين طويلة من وفاة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ويحتمل أيضا أن الآية قد نزلت في بني قريضة ، ولكن بما أنّها كانت تتناسب والآيات النازلة في قضية بدر ، فقد أمر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بإلحاقها بتلك الآيات.
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ١٤٣.