الزكاة والخمس بونا شاسعا ، إذ أنّ الزكاة من ضرائب الأموال العامّة للمجتمع الإسلامي فتصرف عموما في هذه الجهة ، ولكن الخمس من ضرائب الحكومة الإسلامية فيصرف على القيادة والحكومة الإسلامية وتؤمن حاجتها منه.
فالتحريم على السادة من مدّ أيديهم للأموال العامّة ، «الزّكاة» كان في الحقيقة ليجتنبوا عن هذا المال باعتبارهم أقارب النّبي ، ولكيلا تكون ذريعة بيد الأعداء بأنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سلط أقرباءه على الأموال العامّة.
إلّا أنّه ـ من جانب آخر ـ ينبغي سدّ حاجة الضعفاء والفقراء من السادة ، لذلك جعلت هذه الخطة لسدّ حاجتهم من ميزانية الحكومة الإسلامية لا من الميزانية العامّة ففي الحقيقة أنّ الخمس ليس امتيازا لبني هاشم ، بل هو لإبعادهم من أجل الصالح العام ولئلا ينبعث سوء الظن بهم (١).
والذي يسترعي النظر أنّ هذا الإمر أشارت إليه أحاديث الشيعة والسنة ، ففي حديث عن الإمام الصادق نقرأ : «أنّ أناسا من بني هاشم أتوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي ، وقالوا : يكون لنا هذا السهم الذي جعل الله عزوجل للعاملين عليها فنحن أولى به ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا بني عبد المطلب (هاشم) إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم ، ولكنّي وعدت الشفاعة ، إلى أن قال : «أتروني مؤثرا عليكم غيركم» (٢).
ويدل هذا الحديث على أن بني هاشم كانوا يرون في ذلك الأمر حرمانا ، وقد وعدهم النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يشفع لهم.
ونقرأ حديثا في صحيح مسلم الذي يعد من أهم مصادر الحديث عند أهل السنة ، خلاصته أنّ العباس وربيعة بن الحارث جاء إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وطلبا منه أن
__________________
(١) وإذا لاحظنا أنّ في بعض الرّوايات التعبير بـ «كرامة لهم من أوساخ الناس» فهو ليقنع بني هاشم من هذه الحرمة من جانب ، وليفهم الناس أن يؤدوا الزّكاة إلى المحتاجين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
(٢) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ١٨٦.