مَفْعُولاً).
وليعرف الحق من الباطل في ظلال ذلك النصر غير المتوقع والمعجزة الباهرة و (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ).
والمراد من «الحياة» و «الهلكة» هنا هو الهداية والضلال ، لأنّ يوم بدر الذي سمّي يوم الفرقان تجلّى فيه الإمداد الإلهي لنصرة المسلمين ، وثبت فيه أن لهؤلاء علاقة بالله وأنّ الحق معهم.
وتعقبّ الآية قائلة : (وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ).
فقد سمع نداء استغاثاتكم ، وكان مطلعا على نيّاتكم ، ولذلك أيّدكم بنصره على أعدائكم.
إنّ القرائن تدلّ عن أنّ بعض المسلمين لو كانوا يعرفون حجم قوّة أعدائهم لامتنعوا عن مواجهتهم ، مع أنّ طائفة أخرى من المسلمين كانوا مطيعين للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في مواجهة جميع الشدائد ، لهذا فإنّ الله جعل الأمور تسير بشكل يلتقي فيه المسلمون ـ شاءوا أم أبوا ـ مع أعدائهم ، فكانت المواجهة المصيرية.
وكان النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد رأى فيه منامه من قبل أن قلّة المشركين تقاتل المسلمين ، وكانت هذه الرؤيا إشارة إلى النصر وبشارة به ، فقد رواه صلىاللهعليهوآلهوسلم للمسلمين فازدادت العزائم في الزحف نحو معركة بدر.
وبالطبع فإنّ رؤيا النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في منامه كانت صحيحة ، لأنّ قوّة الأعداء وعددهم بالرغم من كثرتهم الظاهرية ، إلّا أنّهم كانوا قلّة في الباطن ضعفاء غير قادرين على مواجهة المسلمين ، ونحن نعرف أنّ الرؤيا ذات تعبير وإشارة ، وأن الرؤيا الصحيحة هي التي تكشف الوجه الباطني للأمور.
والآية الثّانية : من الآيات محل البحث تشير إلى الحكمة من هذا الأمر ، والنعمة التي أولاها سبحانه وتعالى للمسلمين عن هذا الطريق ، فتقول : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ) ولهبطت معنوياتكم ، ولم يقف الأمر