وتختتم الآية بالقول أن التعليم آنف الذكر ـ في الواقع ـ مزيج من العزة والنصر والحكمة والتدبير ، لأنّه صادر من قبل الله تعالى (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
الآية التالية توجّه اللوم والتعنيف ثانية لأولئك الذين يعرضون المنفعة العامّة والمصلحة الاجتماعية للخطر من أجل الحصول على المنافع المادية العابرة ، فتقول الآية : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
وقد أورد المفسّرون في شأن قوله تعالى : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ) احتمالات مختلفة كثيرة ، إلّا أنّ أقربها وأكثرها ملاءمة ومناسبة هو «إذا لم يكن الله قد قرر من قبل أن لا يعذب عباده ما لم يبيّن نبيّه حكمه لهم ، لأخذكم أخذا شديدا بسبب تأسيركم عدوكم رغبة في المنافع المادية وإيقاعكم جيش الإسلام وانتصاره النهائي في الخطر ، إلّا أنّه ـ كما صرحت الآيات الكريمة في القرآن ـ فإنّ سنة الله اقتضت أن تبين أحكامه ثمّ يجازي الذي يخالفون عن أمره» ، إذ قال سبحانه : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١).
* * *
ملاحظات
١ ـ إنّ ظاهر الآيات ـ كما قلنا آنفا ـ يعالج موضوع أخذ الأسري في الحرب لا أخذ «الفدية» بعدها ، وبذلك ينحل كثير من الإشكالات التي أثارها جماعة من المفسّرون بشأن مفهوم الآية.
كما أنّ اللوم والتعنيف يختص بجماعة انشغلت ـ قبل أن يتمّ النصر النهائي ـ بأسر العدو لأهداف دنيوية ، ولا علاقة لها بشخص النّبي وأصحابه المؤمنين الذين كان هدفهم الجهاد في سبيل الله.
__________________
(١) الإسراء ، ١٥.