بدر ، وإلى زمان فتح مكّة.
أمّا بعد فتح مكّة فقد انتفت الهجرة من مكّة إلى المدينة ، لأنّ مكّة أصبحت مدينة إسلامية أيضا ، والحديث النبوي المشهور «لا هجرة بعد الفتح» يشير إلى هذا المعنى.
لكن هذا الكلام لا يعني أن مفهوم الهجرة زاك من قاموس مبادئ الإسلام كليّا كما يتصور بعضهم ، بل الهجرة من مكّة إلى المدينة انتفى موضوعها ، وإلّا فمتى ما حدثت ظروف كظروف المسلمين الأوائل فقانون الهجرة باق على قوته ، وسوف يبقى ما دام الإسلام يتسع حتى يستوعب العالم أجمع.
ومع الأسف الشديد فإنّ أغلب المسلمين لنسيانهم هذا الأصل الإسلامي المهم انغلقوا على أنفسهم ، بينما نرى المبشرين المسيحيين والفرق الضالة والاستعمار يهاجرون إلى أنحاء المعمورة كلها ، ويذهبون حتى إلى القبائل أو الطوائف المتوحشة ممن يأكلون لحوم البشر في مجاهيل أفريقيا ، ويجوبون القطبين المتجمدين الشمالي والجنوبي في سبيل تحقيق أهدافهم ، مع أن هذه مهمّة المسلمين في الواقع ، إلّا أن العمل أضحى من الآخرين!
والأعجب من ذلك وجود الكثير من القرى في جوار المدن الإسلامية الكبرى ، وبمسافة لا تبعد كثيرا عنها ، إلّا أن أهلها لا يعرفون عن الإسلام شيئا ، ولا يعرفون أحكامه ، وربّما لم يروا وجه مبلغ إسلامي هناك أبدا. لهذا فإنّ محيطهم مستعد لنشوء جراثيم الفساد والمذاهب المختلقة والبدع التي يفتعلها «الاستعمار» ولا ندري بماذا يجيب المسلمون ربّهم يوم القيامة ـ وهم ورثة المهاجرين الأوائل ـ إزاء هذه الحال المزرية؟!
وبالرغم من مشاهدة تحرك في هذا الصدد أخيرا ، إلّا أنّه محدود وغير كاف ابدا.
وعلى أية حال ، فإن موضوع الهجرة وأثرها في تاريخ الإسلام ومصير