أهل الكتاب الإسلام ، ولم يتآمروا ضده ، أو يكون لهم إعلام مضاد.
والعلامة الأخرى لموافقتهم على الحياة المشتركة السلمية مع المسلمين هي أن يوافقوا على دفع الجزية للمسلمين ، بأن يعطوا كل عام إلى الحكومة الاسلامية مبلغا قليلا من المال بحدود وشروط معينة سنتناولها في البحوث المقبلة إن شاء الله.
وفي غير هذه الحال فإنّ الإسلام يصدر أمره بمقاتلتهم ، ويوضح القرآن دليل شدة هذا الحكم في جمل ثلاث في الآية محل البحث : إذ تقول الآية أوّلا : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ).
لكن كيف لا يؤمن أهل الكتاب ـ كاليهود والنصارى ـ بالله وباليوم الآخر ، مع أننا نراهم في الظاهر يؤمنون بالله ويقرون بالمعاد أيضا؟
والجواب : لأنّ إيمانهم مزيج بالخرافات والأوهام ، أمّا في مسألة الإيمان بالمبدأ وحقيقة التوحيد ، فلأنّه :
أوّلا : يعتقد طائفة من اليهود ـ كما سنرى ذلك في الآيات المقبلة ـ أن عزيرا ابن الله ، كما يتعقد المسيحيون عامّة بألوهية المسيح والتثليث [الله والابن وروح القدس].
وثانيا : كما يشار إليه في الآيات المقبلة ، فانّ كلّا من اليهود والنصارى مشركون في عبادتهم ، ويعبدون أحبارهم ـ عمليّا ـ ويطلبون منهم العفو والصفح عن الذنب ، وهذا ممّا يختصّ به الله ، مضافا إلى تحريف الأحكام الإلهية بصورة رسمية.
وأمّا إيمانهم بالمعاد فإيمان محرّف ، لأنّ المعاد كما يستفاد من كلامهم منحصر بالمعاد الروحاني ، فبناء على ذلك فإنّ إيمانهم بالمبدأ مخدوش ، وإيمانهم بالمعاد كذلك.
ثمّ تشير الآية إلى الصفة الثّانية لأهل الكتاب ، فتقول : (وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ