عربية خالصة.
وكما ذكرنا آنفا فهي مأخوذة من الجزاء ، لأنّ الضريبة التي تدفع ، إنّما هي جزاء الأمن الذي توفره الحكومة الإسلامية للأقليات المذهبية.
والجزية ، كانت قبل الإسلام ، ويعتقد بعضهم أن أوّل من أخذ الجزية هو كسرى أنوشروان الملك الساساني ، ولو لم نسلّم بأنّه الأوّل فلا أقل من أن أنوشروان كان يأخذ من أبناء وطنه الجزية ، وكان يأخذ ممن لم يكن موظفا في الدولة وعمره أكثر من عشرين عاما وأقل من خميس عاما ، مبلغا سنويا يتراوح بين ١٢ و ٨ و ٦ و ٤ درهم ، على أنّه ضريبة سنوية على كل فرد.
وذكروا أن فلسفة هذه الضرائب أو حكمتها هي الدفاع عن موجودية الوطن واستقلاله وأمنه ، وهي وظيفة عامّة على جميع الناس ، فبناء على ذلك متى ما قام جماعة فعلا بالمحافظة على الوطن ولم يستطع الآخرون أن يجندوا أنفسهم للدفاع عن الوطن ، لأنّهم يكتسبون ويتّجرون ـ مثلا ـ فإن على الجماعة الثّانية أن تقوم بمصارف المقاتلين فتدفع ضرائب سنوية للدولة.
وما لدينا من القرائن يؤيد فلسفة الجزية ... سواء قبل الإسلام أو بعده.
فمسألة السنّ في من يعطي الجزية في عصر أنوشروان الذي ذكرناه آنفا «وهي أنّ الجزية تقع على من عمره عشرون عاما إلى خميس عاما» دليل واضح على هذا المطلب ، لأنّ أصحاب هذه المرحلة ، من العمر كانوا قادرين على حمل السلاح والمساهمة في الحفاظ على أمن البلاد ، إلّا أنّهم كانوا يدفعون الجزية لأعمالهم وكسبهم.
والشاهد الآخر على ذلك أنّه لا تجب الجزية «في الإسلام» على المسلمين ، لأنّ الجهاد واجب عليهم جميعا ، وعند الضرورة يجب على الجميع أن يتجهوا نحو ساحات القتال ليقفوا بوجه العدوّ ، إلّا أنّه لما كانت الأقليات المذهبية في حلّ من أمر الجهاد ، فعليها أن تدفع المال مكان الجهاد ، ليكون لهم نصيب في