ففي الآية الأولى والثّانية وصف الواقفون على الأعراف بأنّهم يتمنون أن يدخلوا الجنّة ، ولكنّ ثمّة موانع تحول دون ذلك ، وعند ما ينظرون إلى أهل الجنّة يحيونهم ويسلمون عليهم ويودون لو يكونون معهم ، ولكنّهم لا يستطيعون فعلا أن يكونوا معهم ، وعند ما ينظرون إلى أهل النّار يستوحشون ممّا آلوا إليه من المصير ، ويتعوذون بأنّه من ذلك المصير ، ومن أن يكونوا منهم.
ولكن يستفاد من الآية الثّالثة والرّابعة بأنّهم أفراد ذوو نفوذ وقدرة ، يوبخون أهل النّار ويعاتبونهم ، ويساعدون الضعفاء في الأعراف على العبور إلى منزل السعادة.
وقد قسمت الرّوايات الواردة في هذا المجال أهل الأعراف الى هذين الفريقين المختلفين أيضا.
ففي بعض الأحاديث الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام نقرأ : «نحن الأعراف»(١) أو عبارة : «آل محمّد هم الأعراف» (٢) وما شابه هذه التعابير.
ونقرأ في طائفة أخرى عبارة : «هم أكرم الخلق على الله تبارك وتعالى» (٣) أو «هم الشهداء على الناس والنّبيون شهداؤهم» (٤) وروايات أخرى تحكي أنّهم الأنبياء والأئمّة والصلحاء والأولياء.
ولكن طائفة أخرى مثلما ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام تقول : «هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فإن أدخلهم النّار فبذنوبهم ، وإن أدخلهم الجنّة فبرحمته» (٥).
وثمّة روايات متعددة أخرى في تفاسير أهل السنة قد رويت عن «حذيفة» و
__________________
(١) تفسير البرهان ، المجلد الثاني ، الصفحة ١٧ و ١٨ و ١٩.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.
(٤) نور الثقلين ، المجلد الثّاني ، الصفحة ٣٣ و ٣٤.
(٥) تفسير البرهان ، المجلد الثّاني ، الصفحة ١٧.