الثّاني من أصحاب الأعراف ، وهم السادة والأنبياء والأئمّة والصلحاء.
ونرى في بعض الرّوايات ـ أيضا ـ شاهدا واضحا وجليا على هذا الجمع مثل الحديث المنقول عن الإمام الصّادق عليهالسلام الذي قال فيه : «الأعراف كثبان بين الجنّة والنّار ، والرجال الأئمّة يقفون على الأعراف مع شيعتهم وقد سبق المؤمنون إلى الجنّة بلا حساب». ويقصد من الشيعة الذي يقفون مع الأئمّة على الأعراف العصاة منهم.
ثمّ يضيف قائلا : «فيقول الأئمّة لشيعتهم من أصحاب الذنوب : انظروا إلى إخوانكم في الجنّة قد سبقوا إليها بلا حساب ، وهو قوله تبارك وتعالى : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) ثمّ يقال : انظروا إلى أعدائكم في النّار ، وهو قوله تعالى : (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ثمّ يقولون لمن في النّار من أعدائهم : هؤلاء شيعتي وإخواني الذين كنتم أنتم تختلفون (تحلفون) في الدنيا أن لا ينالهم الله برحمة ، ثمّ تقول الأئمّة لشيعتهم : ادخلوا الجنّة لا خوف عليكم وأنتم تحزنون (١).
ونظير هذا المضمون روي في تفاسير أهل السنة عن حذيفة عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
ونكرر مرّة أخرى هنا أنّ الحديث حول تفاصيل وجزئيات القيامة وخصوصيات الحياة في العالم الآخر أشبه بما لو أننا أردنا أن نصف شبحا من بعيد ، في حين أنّ بين ذلك الشبح وبين حياتنا تفاوتا واسعا واختلافا كبيرا ، فما نفعله في هذه الصورة هو أنّنا نستطيع بألفاظنا المحدودة والقاصرة أن نشير إليه إشارة ناقصة قصيرة.
هذا ، والنقطة الجديرة بالالتفات هي أنّ الحياة في العالم الآخر مبتنية على
__________________
(١) تفسير البرهان ، المجلد الثّاني ، الصفحة ١٩ و ٢٠.
(٢) تفسير الطبري ، ج ٨ الصفحة ، ١٤٢ و ١٤٣.