الشرائط اللازمة ، ومن جملة ذلك أن يكون الدعاء مقترنا بالجوانب البناءة والعملية في حدود المستطاع ، وأن تراعى حقوق الناس ، وأن تلقي حقيقة الدعاء بأنوارها وظلالها على وجود الإنسان الداعي بأسره ، ولهذا فلا تستجاب أدعية المفسدين والعصاة ، ولا تنتهي إلى أية نتيجة مرجوّة.
والمراد من «الفساد بعد الإصلاح» يمكن أن يكون الإصلاح من الكفر أو الظلم أو كليهما ، جاء في رواية عن الإمام الباقر عليهالسلام : (إنّ الأرض كانت فاسدة فأصلحها نبيّهصلىاللهعليهوآلهوسلم» (١).
ومرّة أخرى يعود إلى مسألة الدعاء ويذكر شرطا آخر من شرائطه فيقول : (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً).
أي لا تكونوا راضيين معجبين بأفعالكم بحيث تظنون أنّه لا توجد في حياتكم أية نقطة سوداء ، إذ أنّ هذا الظن هو أحد عوامل التقهقر والسقوط ، كما لا تكونوا يائسين إلى درجة أنّكم لا ترون أنفسكم لائقين للعفو الإلهي ، ولإجابة الدعاء ، إذ أنّ هذا اليأس والقنوط هو الآخر سبب لانطفاء شعلة السعي والاجتهاد ، بل لا بد أن تعرجوا نحوه تعالى بجناحي (الخوف) و (الأمل) الخوف من المسؤوليات والعثرات ، والأمل برحمته ولطفه.
وفي خاتمة الآية يقول تعالى للمزيد من التأكيد على أسباب الأمل بالرحمة الإلهية (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
ويمكن أن تكون هذه العبارة إحدى شرائط إجابة الدعاء ، يعني إذا كنتم تريدون أن لا تكون أدعيتكم خاوية ، ومجرّد لقلقة لسان ، فيجب أن تقرنوها بعمل الخير والإحسان ، لتشملكم الرحمة الإلهية بمعونة ذلك وتثمر دعواتكم ، وبهذا تكون الآية قد تضمنت الإشارة إلى خمسة من شرائط قبول الدعاء
__________________
(١) مجمع البيان ، المجلد الرابع ، الصفحة ٤٢٩.