ومتجر أولياء الله» (١).
خلاصة القول ، إنّ الفحص والمطالعة في وضع هذا العالم يؤدّي إلى الاعتقاد بعالم آخر وراء هذا العالم (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) (٢).
ب ـ برهان العدالة :
التدقيق في نظام الوجود وقوانين الخلق ، يستنتج منه أنّ كلّ شيء منها محسوب بدقّة متناهية. ففي مؤسسة البدن البشري ، يحكم نظام عادل دقيق ، بحيث أنّه لو تعرّض لأدنى تغيير أو عارض ما لأدّى إلى إصابته بالمرض أو حتّى الموت ، حركات القلب ، دوران الدم ، أجفان العين ، وكلّ جزء من خلايا الجسم البشري مشمول بهذا النظام الدقيق ، الذي يحكم العالم بأسره «وبالعدل قامت السموات والأرض» (٣) فهل يستطيع الإنسان أن يكون وحده النغمة النشاز في هذا العالم الواسع؟!
صحيح أنّ الله سبحانه وتعالى أعطى للإنسان بعض الحرية في الإرادة والإختيار لكي يمتحنه ولكي يتكامل في ظلّ تلك الحرية ويطوي مسير تكامله بنفسه ، ولكن إذا أساء الإنسان الاستفادة من تلك الحرية فما ذا سيكون؟!
ولو أنّ الظالمين الضالّين المضلّين بسوء استفادتهم من هذه الموهبة الإلهية استمرّوا على مسيرهم الخاطئ فما ذا يقتضي العدل الإلهي؟! وصحيح أنّ بعضا من المسيئين يعاقبون في هذه الدنيا ويلقون مصير أعمالهم ـ على الأقل قسم منهم ـ ولكن المسلّم أنّ جميعهم لا ينال جميع ما يستحقّ. كما أنّ جميع المحسنين الأطياب لا يتلقّون جزاء أعمالهم الطيّبة في الدنيا ، فهل من
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار كلمة ١٣١.
(٢) الواقعة ، ٦٢.
(٣) تفسير الصافي ، المجلّد الخامس ، صفحة ١٠٧.