ملاحظتان
١ ـ ما هو المقصود من «ذات الصدور»؟
ورد هذا اللفظ بتفاوت يسير في أكثر من عشرة آيات من القرآن الكريم (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ).
لفظة «ذات» التي مذكّرها «ذو» في الأصل بمعنى «الصاحب» مع أنّها وردت لدى الفلاسفة بمعنى «العين والحقيقة وجوهر الأشياء» ، ولكن على ما قاله (الراغب) في مفرداته فإنّ هذا الاصطلاح لا وجود له في كلام العرب.
وبناء على ذلك فإنّ المقصود من جملة (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أنّ الله يعلم صاحب ومالك القلوب ، وهي كناية لطيفة عن عقائد ونوايا الناس ، إذ أنّ الإعتقادات والنوايا عند ما تستقر في القلب تكون كأنّها مالك القلب ، والحاكم فيه ، ولهذا السبب تعدّ تلك العقائد والنوايا صاحبا ومالكا للقلب الإنساني.
وذلك تماما ما صاغه بعض كبار العلماء استفادة من هذا المعنى فقالوا : الإنسان آراؤه وأفكاره ، لا صورته وأعضاؤه» (١).
٢ ـ لا سبيل للرجوع!
من المسلّم به أنّ القيامة والحياة بعد الموت مرحلة تكاملية نسبة إلى الدنيا ، وأنّ الرجوع إلى هذه الدنيا ليس معقولا ، فهل يمكننا العودة إلى الأمس؟ هل يمكن للوليد أن يعود إلى طي الأدوار الجنينية من جديد؟ وهل يمكن للثمرة التي قطفت من غصنها أن تعاد إليه مرّة ثانية؟ لهذا السبب فإنّ العودة إلى الدنيا غير ممكنة لأهل الآخرة.
وعلى فرض إمكانية تلك العودة فإنّ هذا الإنسان الكثير النسيان سوف لن يقوم بغير إدامة أعماله السابقة!
__________________
(١) المرحوم كاشف الغطاء في كتاب أصل الشيعة وأصولها.