ومؤكّدة بأنواع التأكيدات (إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
ما أعظم هذا الفوز الذي يغرق فيه الإنسان بنعمة الخلود والحياة الأبدية ، وتشمله الألطاف الإلهية؟ وماذا يتصوّر أفضل وأعظم من ذلك؟
ثمّ يقول تبارك وتعالى في ختام البحث جملة واحدة قصيرة توقظ القلوب وتهزّ الأعماق ، (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) أي لمثل هذا فليعمل الناس ، ومن أجل نيل هذه النعم فليسع الساعون.
بعض المفسّرون يحتملون في كون الآية الأخيرة أنّها من كلام أصحاب الجنّة ، وهذا الاحتمال مستبعد جدّا ، لأنّ الإنسان في ذلك اليوم غير مكلّف ، وبعبارة اخرى لا يوجد أي تكليف في ذلك اليوم حتّى يستنتج من الكلام أنّه تشجيع للآخرين ، في الوقت الذي يوضّح فيه ظاهر الآية إنّها استنتاج للآيات السابقة ، وأنّها تدفع الناس إلى الإيمان والتوجّه إلى العمل ، لذا كان من المناسب أن يورد الباري عزوجل هذا الحديث في نهاية هذا البحث.
* * *
بحوث
١ ـ الرابطة بين أهل الجنّة وأهل النار
يستشف من الآيات المذكورة أعلاه ، وجود نوع من الرابطة بين أهل الجنّة وأهل النار ، فكأنّ أهل الجنّة ـ الذين هم في مرتبة عليا ـ يرون أهل النار ـ الذين هم في الأسفل ـ [وقد استفيد هنا من عبارة (فاطّلع) والتي تعني الإشراف من الأعلى على الأسفل].
وبالطبع فإنّ هذا ليس بدليل على كون الفاصل الموجود بين الجنّة والنار قليلا ، فلربّما يمنحون قوّة نظر خارقة تغدو أمامها قضيّة المكان والفاصل معدومة.